وقالَ أحمدُ:«لهم ذلكَ»، وهذا غَلطٌ، وكذا ذكَرَه ابنُ الصَّبَّاغِ والرُّويانِيُّ في «البَحر» والشَّيخُ أبو حامِدٍ وأتْباعُه كالمَحامِليِّ وسُليمٍ في «المُجرَّد» والشَّيخُ نَصرُ المَقدِسيُّ في تَهذيبِه والجُرجانِيُّ في شافيهِ وصاحِبُ «البَيان» وغَيرُهم مِنْ العِراقيِّينَ، وعِبارةُ الجُرجانِيِّ في تَحريرِه: إذا انهدَمَتِ الدارُ المَوقوفةُ لم يَجُزْ بَيعُها قَولًا واحِدًا، وجزَمَ به مِنْ المَراوِزةِ القاضي حُسينٌ فقال: لو خَرِبَ الوَقفُ لا يَجوزُ بَيعُه، بل يَكونُ وَقفًا بحالِهِ أبدًا، خِلافًا لأحمدَ، وكذا قالَ الفُورانِيُّ في «الإبانَة».
وقالَ الخَوارزمِيُّ في «كافيهِ»: والدارُ المَوقوفةُ إذا انهَدمَتْ وخَرِبتْ وتَعطَّلتْ مَنافِعُها لا يَجوزُ بَيْعُها، ولا يَجوزُ نَقلُ شيءٍ منها إلى مَوضِعٍ آخَرَ.
وقالَ الصَّيمَريُّ في «شَرح الكِفايةِ»: بَيعُ المَوقوفِ حَرامٌ مُطلَقًا، سَواءٌ قُلنا:«المَوقوفُ عليه ملَكَ رَقبةِ الوَقفِ» أَمْ لا.
فهذه كُتبُ المَذهبِ مِنْ الطَّريقَينِ شاهِدةٌ بخِلافِ ما ذكَرَه الرَّافعيُّ، فظهَرَ أنَّ الإمامَ مُنفرِدٌ بنَقلِ الخِلافِ في المُشرِفةِ، والرَّافعيُّ مُنفرِدٌ بذِكرِ الخِلاف في المُنهدِمةِ، وباقتِضاءِ كلامِه التَّصحيحَ فيها، وفي المُشرِفةِ بالجَوازِ، على أنَّ الإمامَ لمَّا حَكى الخِلافَ في المُشرِفةِ عَزَا للأكثَرينَ المَنعَ، فقالَ: ومِمَّا يَتَّصلُ بهذا الأصلِ أنَّ مَنْ وقَفَ دارًا فأشرَفَتْ على الخَرابِ وعَرَفْنا أنها لو انهدَمَتْ عَسُرَ رَدُّها وإقامَتُها ذهَبَ الأكثَرونَ إلى مَنعِ البَيعِ، وجوَّزَه مُجَوِّزونَ. اه، وعليه اعتَمدَ الرافِعيُّ في حِكايةِ الخِلافِ في المُشرِفةِ، لكِنَّه زادَ في الإلباسِ، فاقتَضَى كَلامُه تَصحيحَ الجَوازِ فيها وفي المُنهَدِمةِ،