للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعية في الأصَحِّ: لا يَجوزُ بَيعُ الوَقفِ مُطلَقًا، فإنْ تَعطَّلتْ مَنفعةُ المَوقوفِ بسَببٍ غَيرِ مَضمونٍ كأنْ جَفَّتِ الشَّجرةُ أو قلَعَها ريحٌ أو سَيلٌ أو نحو ذلكَ ولم يُمكِنْ إعادَتُها إلى مَغرسِها قبلَ جَفافِها، أو زَمِنَتِ الدابَّةُ لم يَنقطعِ الوَقفُ على المَذهبِ، بل يُنتفعُ بها جِذعًا بإجارةٍ وغَيرِها؛ إدامةً للوَقفِ في عَينِها، ولا تُباعُ ولا تُوهبُ؛ لخبَرِ: «لا تُباعُ».

وكذا الدابَّةُ الزمِنَةُ بحَيثُ صارَتْ لا يُنتفعُ بها، هذا إنْ أُكِلتْ؛ إذْ يَصحُّ بَيعُ لَحمِها بخِلافِ غَيرِها.

وفي مُقابلِ الأصَحِّ: تُباعُ؛ لتَعذُّرِ الانتفاعِ كما شرَطَه الواقفُ، ويُشترى بالثَّمنِ مِثْلُها ليَكونَ وَقفًا مَكانَها أو بَعضُه؛ لأنه أقرَبُ إلى مَقصودِ الواقفِ.

وإِنْ لم يُنتفعْ بها إلا باستِهلاكِها بإحراقٍ أو نَحوِه ففيهِ خِلافٌ:

قيلَ: يَنقطعُ الوَقفُ وتَصيرُ مِلكًا للمَوقوفِ عليه حِينئذٍ على المُعتمَدِ، لكنَّها لا تُباعُ ولا تُوهَبُ، بل يُنتفعُ بعَينِها كأُمِّ الوَلدِ والأُضحِيةِ.

وقيلَ: لا تَصيرُ مِلكًا بحالٍ.

وإنْ وقَفَ أرضًا على ثَغرٍ فبَطَلَ الثَّغرُ وتَعذَّرَ القِتالُ فيهِ حُفظَ انتِفاعُ الوَقفِ -وهو: غلَّتُه-، ولا يُصرَفُ إلى غَيرِه؛ لجَوازِ أنْ يَعودَ الثَّغرُ كما كانَ.

ولو وقَفَ مَسجدًا فانهدَمَ وتَعذَّرَتْ إعادَتُه أو تَعطَّلَ بخَرابِ البَلدِ مثلًا لم يَعُدْ مِلكًا ولم يُبَعْ بحالٍ؛ لأنَّ ما زالَ المِلكُ فيهِ لحَقِّ اللهِ تعالى لا يَعودُ إلى المِلكِ بالاختِلالِ، كالعَبدِ إذا عُتقَ ثمَّ زَمِنَ، ولم يُنقَضْ إنْ لم يُخَفْ

<<  <  ج: ص:  >  >>