والمَدارِسُ والرُّبُطُ والخاناتُ المُسبَّلةُ ونحوُها جَائزٌ بَيعُها عند خَرَابِها على ما تقدَّمَ وجهًا واحِدًا.
ويَصحُّ بَيعُ ما فضَلَ مِنْ نِجارَةِ خَشبِه ونِحاتَتِه -أي المَوقوفِ-؛ لِما تقدَّمَ، ولو شرَطَ الواقِفُ عدَمَ البَيعِ في الحالِ التي قُلْنا يُباعُ فيها فشَرطٌ فاسِدٌ؛ لحَديثِ:«ما بالُ أقوامٍ يَشترِطونَ شُروطًا ليسَتْ في كِتابِ اللهِ … » إلى آخِرِه، وحَيثُ يُباعُ الوَقفُ فإنه يُصرَفُ ثَمنُه في مِثلِه؛ لأنَّ في إقامَةِ البَدلِ مَقامَه تَأبيدًا له وتَحقيقًا للمَقصودِ، فتَعيَّنَ وُجوبُه، أو بَعضِ مِثلِه إنْ لم يُمكِنُ في مِثلِه، ويُصرَفُ في جِهتِه -وهي مَصرِفُه-؛ لامتِناعِ تَغييرِ المَصرِفِ مع إمكانِ مُراعاتِه، فإنْ تَعطَّلتْ جِهةُ الوَقفِ التي عَيَّنَها الواقفُ صُرِفَ في جِهةِ مِثلِها.
فإذا وقَفَ على الغُزاةِ في مَكانٍ فتَعطَّلَ فيهِ الغَزوُ صُرِفَ البَدلُ إلى غَيرِهم مِنْ الغُزاةِ في مَكانٍ آخَرَ؛ تَحصيلًا لغَرَضِ الواقفِ في الجُملةِ حَسبَ الإمكانِ (١).
وقالَ الحَنفيةُ: وما انهَدمَ مِنْ بِناءِ الوَقفِ مثلَ الآجُرِّ والخَشبِ والقارِ والأحجارِ وآلَتِه -وهي: الأداةُ التي يُعمَلُ بها كآلَةِ الحَرثِ في ضَيعةِ الوَقفِ- صرَفَه الحاكِمُ -أي: أعادَه- في عِمارةِ الوَقفِ إنِ احتاجَ الوَقفُ إليهِ ليَبقى على التَّأبيدِ.
(١) «المغني» (٥/ ٣٦٨)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٤٢، ٢٤٣)، و «المبدع» (٥/ ٣٥٦)، و «الإفصاح» (٢/ ٤٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٥٣، ٣٥٤)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٧٠).