وقالَ المالِكيةُ: يُنفَقُ على عِمارةِ الوَقفِ مِنْ غلَّةِ الوَقفِ، وإنِ اشتَرطَ الواقفُ إصلاحَ الوَقفِ على مُستحِقِّه لم يَصحَّ، قالوا: إذا اشتَرطَ الواقفُ إصلاحَ الوَقفِ على مُستحِقِّه كمَن حَبسَ دارًا على رَجلٍ ووَلدِه ووَلدِ وَلدِه واشتَرطَ على الذي حَبسَ عليه إصلاحَ ما يَرِثُّ منها مِنْ مالِه لم يَصِحَّ الشَّرطُ؛ لأنَّ هذا كِراءٌ مَجهولٌ؛ إذْ لا يَدري بكَم يَكونُ الإصلاحُ، والوَقفُ صَحيحٌ؛ لأنَّ البُطلانَ مُنصَبٌّ على الشَّرطِ لا على الوَقفِ، ولأنه قد فاتَ في سَبيلِ اللهِ، وتَكونُ مَرمَّتُها وإصلاحُها مِنْ غَلَّةِ الوَقفِ.
إلا أنهُم قالوا: إذا كانَ المَوقوفُ فَرسًا لغَزوٍ أو رِباطٍ وكانَ ثَمَّ بَيتُ مالٍ يُوصَلُ إليه فإنه يُنفَقُ عليه مِنْ بَيتِ المالِ، ولا يَلزمُ المُحبِّسَ ولا المُحبَّسَ عليهم مِنْ المُجاهِدينَ وأهلِ الرُّبُطِ، فإنْ لم يَكنْ هُناكَ بَيتُ مالٍ فإنه يُباعُ ويُعوَّضُ بثَمنِه سِلاحٌ ونَحوُه ممَّا لا يَحتاجُ إلى نَفقَةٍ، وإنَّما عُوِّضَ به سِلاحٌ لأنه أقرَبُ إلى الخَيلِ في المَنفعةِ مِنْ غيرِه، وهو أيضًا أقرَبُ إلى غَرَضِ الواقفِ (١).