للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَقفَ تَحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ المَنفعةِ، وما لا مَنفعةَ فيهِ مُباحةً فلا يَحصلُ فيهِ تَسبيلُ المَنفعةِ، والكَلبُ أُبيحَ الانتفاعُ به على خِلافِ الأصلِ للضَّرورةِ، فلم يَجُزْ التوسُّعُ فيها، والمَرهونُ في وَقفِه إبطالُ حقِّ المُرتَهِنِ منه، فلم يَجُزْ إبطالُه، ولا يَصحُّ وَقفُ الحَملِ المُنفرِدِ؛ لأنه لا يَجوزُ بَيعُه، وهذا في غيرِ المُصحفِ؛ فإنه يَصحُّ وَقفُه ولا يَصحُّ بَيعُه.

وأمَّا الكَلبُ المُعلَّمُ فيَصحُّ وَقفُه؛ لأنَّ بَيعَه جائِزٌ، وفي مَعْناهُ جَوارحُ الطَّيرِ وسِباعُ البَهائمِ الصَّيَّادةِ يَصحُّ وَقفُها ويَجوزُ بَيعُها، بخِلافِ غَيرِ الصَّيَّادةِ، قالَ المِرداويُّ: ومَرَّ في المَذهبِ رِوايةٌ بامتِناعِ بَيعِها -أعني: الصَّيَّادةَ- فيَمتنعُ وَقفُها، والأولُ أصَحُّ. انتهى.

قالَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ : يَصحُّ وَقفُ الكَلبِ المُعلَّمِ والجَوارحِ المُعلَّمةِ وما لا يُقدَرُ على تَسليمِه (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنه لا يُشترطُ في المَوقوفِ أنْ يَصحَّ بَيعُه، بل يَكفي أنْ يَكونَ مَملوكًا ولو كانَ ذلكَ المَملوكُ الذي أُرِيدَ وَقفُه لا يَجوزُ بَيعُه، كجِلدِ أُضحِيةٍ وكَلبِ صَيدٍ وعَبدٍ آبقٍ (٢).


(١) «الإنصاف» (٧/ ١٠)، ويُنظَر: «المغني» (٥/ ٣٧٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٩١)، و «المبدع» (٥/ ٣١٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٣٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٩٦).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٧/ ٧، ٧٩)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٥/ ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>