للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا نَعلمُ مُخالفًا في ذلك إلا داودَ (١).

واستَدَلوا على ذلك: بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩].

ولمَا رَوى عبدُ اللهِ بنُ أبي بَكرِ بنِ عَمرِو بنِ حَزمٍ عن أبيه عن جَدِّه أنَّ النَّبيَّ : كتَبَ إلى أهلِ اليَمنِ كِتابًا وفيه: «ألَّا يَمسَّ القُرآنَ إلا طاهِرٌ» (٢).

واستَثنَى المالِكيةُ من ذلك المُعلمةَ والمُتعلمةَ؛ فإنَّها يَجوزُ لها مَسُّ المُصحفِ سَواءٌ كانَ كامِلًا أو جُزءًا منه أو اللَّوحَ الذي كُتبَ فيه القُرآنُ، قالَ بَعضُهم: وليسَ ذلك للجُنبِ؛ لأنَّ رَفعَ حَدثِه بيَدِه، ولا يَشقُّ، كالوُضوءِ، بخِلافِ الحائِضِ؛ فإنَّ رَفعَ حَدثِها ليسَ بيَدِها، لكنَّ المُعتمَدَ عندَهم أنَّ الجُنبَ -رَجلًا كانَ أو امرأةً- يَجوزُ له المَسُّ والحَملُ حالَ التَّعلُّمِ والتَّعليمِ للمَشقةِ، وسَواءٌ كانَت الحاجةُ إلى المُصحفِ للمُطالعةِ أو كانَت للتَّذكُّرِ بنيةِ الحِفظِ (٣).


(١) «المغني» (١/ ١٨٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مالك في «الموطأ» (١/ ١٩٩)، والدارمي (٢٢٦٦)، والدارقطني (١/ ١٢٢)، ولأخي فَضيلةِ الشَّيخِ الدُّكتور نَاصر النَّجار حفظه الله رِسالةٌ في تَصحيحِ هذا الحَديثِ وكَلامِ العُلماءِ عليه فراجِعْها إنْ شِئتَ باسمِ: «حُكمُ مَسِّ المُصحفِ».
(٣) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٤٨٨)، و «درر الحكام» (١/ ٥٨)، و «البحر الرائق» (١/ ٢٠٩)، و «الاختيار لتعليل المختار» (١/ ١)، و «التاج والإكليل» (١/ ٣٢٢)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٢٧٨)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٣٨٢)، و «بلغة السالك» (١/ ١٤٩)، و «روضة الطالبين» (١/ ٢٤٦)، و «تفسير القرطبي» (١٧/ ٢٢٥)، و «المغني» لابن قُدامةَ (١/ ١٨٧)، و «كشاف القناع» (١/ ١٩٧)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>