للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنابلةُ: لا يَصحُّ وَقفُ مَطعومٍ ومَشروبٍ غيرِ الماءِ، ولا وَقفُ دُهنٍ وشَمعٍ؛ لأنَّ ما لا يُنتفعُ به إلا بإتلافِه لا يَصِحُّ وَقفُه؛ لأنه يُرادُ للدَّوامِ؛ ليَكونَ صَدقةً جارِيةً، ولا يُوجَدُ ذلكَ فيما لا تَبقى عَينُه، لأنَّ الوَقفَ تَحبيسُ الأصلِ وتَسبيلُ الثَّمرةِ، وما لا يُنتفعُ به إلَّا بالإتلافِ لا يَصحُّ فيهِ ذلكَ.

أمَّا الماءُ فيَصحُّ وَقفُه.

قالَ المِرداويُّ : قَولُه: (والمَطعومُ والرَّياحِينُ) يَعني: لا يَصحُّ وَقفُها، وهو صَحيحٌ، وهو المَذهبُ وعليه الأصحابُ.

وقالَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ : لو تَصدَّقَ بدُهنٍ على مَسجدٍ ليُوقدَ فيهِ جازَ، وهو مِنْ بابِ الوَقفِ، وتَسميتُه وَقفًا بمعنَى أنه وَقفٌ على تِلكَ الجِهةِ لا يُنتفعُ به في غَيرِها لا تَأباهُ اللُّغةُ، وهو جارٍ في الشَّرعِ.

وقالَ أيضًا: يَصحُّ وَقفُ الرَّيحانِ ليَشمَّه أهلُ المَسجدِ، قالَ: وطيبُ الكَعبةِ حُكمُه حُكمُ كِسوَتِها، فعُلِمَ أنَّ التَّطيبَ مَنفعةٌ مَقصودَةٌ، لِكنْ قد تَطولُ مُدةُ التطيُّبِ وقد تَقصرُ ولا أثَرَ لذلكَ.

قالَ الحارِثيُّ: وما يَبقَى أثَرُه مِنْ الطِّيبِ كالنِّدِّ (١) والصَّندَلِ (٢) وقِطَعِ الكافورِ لشَمِّ المَريضِ وغَيرِه فيَصحُّ وَقفُه على ذلكَ؛ لبَقائِه مع الانتفاعِ، وقد صحَّتْ إجارتُه لذلكَ، فصَحَّ وَقفُهُ. انتهى، وهذا ليسَ داخِلًا في


(١) النِّدُّ: طِيبٌ مَعروفٌ، أو العَنبَرُ. «القاموس المحيط»: (ندّ).
(٢) الصَّندلُ: خَشبٌ مَعروفٌ، أجوَدُه الأحمَرُ أو الأبيضُ. «القاموس المحيط»: (صَنْدَل).

<<  <  ج: ص:  >  >>