للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ وهو قَولٌ للإمامِ أحمدَ اختارَه شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ إلى أنَّه يَجوزُ للحائِضِ قِراءةُ القُرآنِ.

بل إنَّ شَيخَ الإِسلامِ قالَ: إنْ خَشيَتْ نِسيانَه وجَبَ.

ثم قالَ : فإنَّ قِراءةَ الحائِضِ القُرآنَ لم يَثبُتْ عن النَّبيِّ فيها شَيءٌ غيرُ الحَديثِ المَرويِّ … عن ابنِ عُمرَ: «لا تَقرأُ الحائِضُ ولا الجُنبُ شَيئًا من القُرآنِ» فهو حَديثٌ ضَعيفٌ باتِّفاقِ أهلِ المَعرفةِ بالحَديثِ، ومَعلومٌ أنَّ النِّساءَ كُنَّ يَحِضنَ على عَهدِ رَسولِ اللهِ ولم يَكنْ يَنهاهُنَّ عن قِراءةِ القُرآنِ كما لم يَكنْ يَنهاهُنَّ عن الذِّكرِ والدُّعاءِ بل أمَرَ الحُيضَ أنْ يَخرُجنَ يَومَ العيدِ، فيُكبِّرنَ بتَكبيرِ المُسلِمينَ.

وأمَرَ الحائِضَ أنْ تَقضيَ المَناسِكَ كلَّها إلا الطَّوافَ بالبَيتِ: تُلبِّي وهي حائِضٌ، وكذلك بمُزدَلِفةَ ومِنًى، وغيرِ ذلك من المَشاعرِ.

وأمَّا الجُنبُ فلم يأمُرْه أنْ يَشهدَ العِيدَ، وأنْ يُصليَ، ولا أنْ يَقضيَ شَيئًا من المَناسِكِ؛ لأنَّ الجُنبَ يُمكنُه أنْ يَتطهَّرَ فلا عُذرَ له في تَركِ الطَّهارةِ، بخِلافِ الحائِضِ؛ فإنَّ حدَثَها قائِمٌ لا يُمكنُها مع ذلك التَّطهُّرُ (١).


(١) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٤٦١، ٤٦٢)، و «الاختيارات» (١/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>