للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو وقَفَ المَشاعَ مَسجدًا ثبَتَ فيهِ حُكمُ المَسجدِ في الحالِ عندَ التلفُّظِ بالوَقفِ، فيُمنَعُ مِنْ الجُنبِ والسَّكرانِ ومَن عليه نَجاسةٌ تَتعدَّى.

ثُمَّ القِسمةُ مُتعيِّنةٌ هُنا؛ لتَعيُّنِها طَريقًا للانتِفاعِ بالمَوقوفِ (١).

وذهَبَ الإمامُ مُحمدُ بنُ الحَسَنِ إلى عَدمِ صِحةِ وَقفِ المَشاعِ؛ لأنَّ مِنْ شَرطِ صِحةِ الوَقفِ عندهُ تَسليمُه، والشُّيوعُ يُخلُّ بالقَبضِ والتَّسليمِ.

قالَ ابنُ الهُمامِ : وَقفُ المَشاعِ جائِزٌ عندَ أبي يُوسفَ، وعند مُحمدٍ لا يَجوزُ، والخِلافُ مَبنيٌّ على الخِلافِ في اشتِراطِ تَسليمِ الوَقفِ، فلمَّا شرَطَه مُحمدٌ قالَ بعدمِ صِحةِ المَشاعِ؛ لأنَّ القِسمةَ مِنْ تَمامِ القَبضِ، ولا بُدَّ مِنْ القَبضِ، فوجَبَ، وعندَ أبي يُوسفَ لا يُشترطُ قَبضِ المُتولِّي، فلا يُشترطُ ما هو مِنْ تَمامِه، فمَن أخَذَ بقَولِ أبي يُوسفَ في خُروجِه بمُجرَّدِ اللَّفظِ -وهُم مَشايخُ بَلخٍ- أخَذَ بقَولِه في هذهِ، ومَن أخَذَ بقَولِ مُحمدٍ في تلكَ -وهُم مَشايخُ بُخارَى- أخَذَ بقَولِه في وَقفِ المَشاعِ.

وأمَّا إلحاقُ مُحمدٍ بالهِبةِ والصَّدقةِ المُنفذةِ -أي المُنجَّزةِ- في الحالِ فإنها لا تَكونُ مَشاعًا، فكذا الصَّدقةُ المُستمِرَّةُ، ففرَّقَ أبو يُوسفَ بأنَّ اشتِراطَ القَبضِ في تَينِكَ لِما فيهِما مِنْ التَّمليكِ للغَيرِ، وأمَّا الوَقفُ فليسَ فيه


(١) «المغني» (٥/ ٣٧٥)، و «الكافي» (٢/ ٤٤٨)، و «الإفصاح» (٢/ ٤٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٨٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٠٥)، و «الإنصاف» (٧/ ٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٩٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>