للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الإمامُ مالِكٌ والشافِعيُّ في القَولِ الثاني عنه إلى استِحبابِه؛ فإنْ حاضَت المَرأةُ قبلَ أنْ تَطوفَ طَوافَ القُدومِ سقَطَ عنها ولا شَيءَ عليها عندَ القائِلين بسُنِّيتِه.

وعندَ المالِكيةِ لا يَجبُ عليها حيثُ بَقيَ عُذرُها بحيث لا يُمكنُها الإِتيانُ به قبلَ الوُقوفِ بعَرفةَ.

وإذا حاضَت المَرأةُ قبلَ طَوافِ الإفاضةِ؛ فإنَّها تَبقَى على إِحرامِها حتى تَطهرَ ثم تَطوفَ؛ فإنْ طافَت وهي حائِضٌ لم يَصحَّ طَوافُها عندَ كلٍّ من المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ.

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى صِحتِه مع الكَراهةِ التَّحريميةِ؛ لأنَّ الطَّهارةَ له واجِبةٌ، وهي غيرُ طاهِرةٍ، وتَأثمُ وعليها بَدنةٌ.

وفي رِوايةٍ عندَ الحَنابِلةِ أيضًا أنَّه يَصحُّ منها الطَّوافُ، قالَ المِرداويُّ في «الإنصاف» (١): الصَّحيحُ من المَذهبِ أنَّ الحائِضَ تُمنعُ من الطَّوافِ مُطلقًا، ولا يَصحُّ منها، وعليه جَماهيرُ الأَصحابِ، وقطَعَ به كَثيرٌ منهم.

وعن الإمامِ أحمدَ يَصحُّ، وتَجبُرُه بدَمٍ، وهو ظاهِرُ كَلامِ القاضي، واختارَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ، ابنُ تَيميةَ جَوازَه لها عندَ الضَّرورةِ ولا دَمَ عليها.

واتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ للحائِضِ أنْ تَنفِرَ بلا طَوافِ وَداعٍ تَخفيفًا عليها؛ لحَديثِ عائِشةَ أنَّ صَفيةَ حاضَت: «فأمَرَها النَّبيُّ أنْ تَنصرِفَ بلا وَداعٍ» (٢).


(١) «الإنصاف» (١/ ٣٤٨).
(٢) رواه البخاري (٣٢٢، ١٦٧٣)، ومسلم (١/ ١٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>