للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إرثِ أبيهِنَّ، وسَواءٌ أخرَجَهنَّ ابتداءً أو بعدَ تَزوُّجِهنَّ، بأنْ وقَفَ على بَنيهِ وبَناتِه جَميعًا وشرَطَ أنَّ مَنْ تَزوَّجتْ مِنْ بَناتِه فلا حقَّ لها في الوقفِ وتَخرجُ منه ولا تَعودُ له ولو تَأيَّمتْ، وأمَّا لو شرَطَ أنَّ مَنْ تَزوَّجتْ مِنْ البَناتِ فلا حقَّ لها إلا أنْ تَتأيَّمَ فإنه يَرجعُ لها الحَقُّ فيهِ، كانَ الوَقفُ صَحيحًا.

قالَ الإمامُ مالكٌ في «العُتَيبيَّة»: مَنْ حَبسَ حَبسًا على ذُكورِ وَلدِه وأخرَجَ الإناثَ منه إذا تَزوَّجنَ فإني لا أرَى ذلكَ جائِزًا وإنه مِنْ أمرِ الجاهِليةِ، وليسَ على هذا تُوضَعُ الصَّدقاتُ للهِ وما يُرادُ به وَجهُه، إلا ما تَصدَّقَ به رَجلٌ وجعَلَه بعدَ انقِراضِ وَلدِه في سَبيلٍ مِنْ سُبلِ الخيرِ.

قالَ ابنُ القاسِمِ: فقُلتُ لمالِكٍ: أفتَرَى لمَن حَبسَ حَبسًا وأخرَجَ بَناتِه منه إذا تَزوَّجنَ أنْ يُبطِلَ ذلكَ ويُسجِّلَ الحَبسَ؟ قالَ: نعمْ، وذلكَ وَجهُ الشَّأنِ فيه.

قالَ ابنُ القاسمِ: ولكنْ إذا فاتَ ذلكَ فهو على ما حَبسَ، فإنْ كانَ المُحبِّسُ حَيًّا ولم يُحَزِ الحَبسُ فأرَى أنْ يَفسخَه ويُدخلَ فيهِ الإناثَ، وإنْ كانَ قد حِيزَ أو ماتَ فهو فَوتٌ، وهو على ما جعَلَه عليهِ.

قالَ مُحمدُ بنُ رُشدٍ : ظاهِرُ قَولِ مالكٍ هذا أنَّ الحَبسَ لا يَجوزُ، ويَبطلُ على كُلِّ حالٍ، خِلافَ مَذهبِ ابنِ القاسِمِ في أنه يَمضي إذا فاتَ ولا يُنقَضُ، وفَوتُ الحَبسِ عندَه أنْ يُحازَ عن المُحبِّسِ على ما قالَه في هذه الرِّوايةِ، فرَأى للمُحبِّسِ ما لم يُحَزِ الحَبسُ عنه أنْ يُبطِلَ الحَبسَ ويُدخِلَ الإناثَ فيهِ، وظاهرُ قَولِه وإنْ كَرهَ ذلكَ المُحبَّسُ عليهم؛ مُراعاةً

<<  <  ج: ص:  >  >>