للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ في «شَرْح المُنتَهى»: ويُؤخَذُ منه جَوازُ القَضاءِ بالمَرجوحِ مِنْ الخِلافِ. انتهى

قالَ البُهوتيُّ : قلتُ: هذا في المُجتهِدِ كما يُشعرُ به قَولُه: «حيثُ يَجوزُ له الحكمُ»، أمَّا المُقلِّدُ فلا (١).

وذهَبَ أبو يُوسفَ مِنْ الحَنفيةِ -وهو المُعتمَدُ في المَذهبِ- والشافِعيةُ في مُقابلِ الأصَحِّ -وهو اختيارُ جَماعةٍ مِنهُم ابنُ سُريجٍ والزُّبيريُّ وابنُ الصَّباغِ وأكثَرُ مَشايخِ خُراسانَ، وجوَّزَ الرويانِيُّ الإفتاءَ به- والحَنابلةُ في رِوايةٍ -وعليها العَملُ عندَ الحَنابلةِ، وهي اختيارُ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ- إلى أنه يَصحُّ أنْ يُوقِفَ الإنسانُ على نَفسِه؛ لأنَّ استحقاقَ الشيءِ وَقفًا غيرُ استِحقاقِه مِلكًا، وقدْ يَقصدُ حبْسَه ومنْعَ نَفسِه مِنْ التصرفِ المُزيلِ للمِلكِ، ولِما رُوِيَ أنَّ عُمرَ لمَّا وقَفَ قالَ: «لا جُناحَ على مَنْ وَلِيَها أنْ يَأكلَ منها بالمَعروفِ ويُطعِمَ غيرَ مُتموِّلٍ» (٢)، فجعَلَ لمَن يَليها أنْ يأكلَ منها، وقد يَليها الواقفُ وغيرُه، وقد كانَتْ بيَدِه إلى أنْ ماتَ.

ورُويَ أنَّ عُثمانَ لمَّا وقَفَ بِئرَ رُومةَ قالَ: «دَلوِي منها كدِلاءِ المُسلمينَ» (٣)، ولأنَّ النبيَّ أعتَقَ صَفيةَ وجعَلَ عِتقَها صَداقَها


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٣٠١)، ويُنظَر: «المغني» (٥/ ٣٥٣)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٩٤، ١٩٥)، و «الفروع» (٤/ ٤٤٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٣٨، ٣٣٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٨٥).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٨٦)، باب: الشُّروطِ في الوَقفِ، ومسلم (١٦٣٢).
(٣) حَسَنٌ: رواه النسائي (٣٦٠٨)، والترمذي (٣٧٠٣)، وابن حبان في «صحيحه» (٢٤٩٢)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١٠٠٥)، والدارقطني (٤/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>