للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحارِثيُّ: ومِن مُتأخِّري الأصحابِ مَنْ قالَ: لا يَصحُّ اشتِراطُه -يَعني المُباحَ- في ظاهِرِ المَذهبِ وعلَّلَه، قالَ: وهذا له قوَّةٌ على القَولِ باعتِبارِ القُربةِ في أصلِ الجِهةِ كما هو ظاهِرُ المَذهبِ، وإياه أرادَ بقَولِه: «في ظاهِرِ المَذهبِ» فيما أَرى، ويُؤيِّدُه مِنْ نَصِّ الإمامِ أحمَدَ، وذكَرَ النَّصَّ في الوَصيةِ. انتهى

والظاهِرُ أنه أرادَ بقَولِه: «مِنْ مُتأخِّري الأصحابِ» الشَّيخَ تَقيَّ الدِّينِ ، وكانَ في زَمنِه، وفي كَلامِ صاحِبِ «الفُرُوع» إيماءٌ إلى ذلكَ.

وقالَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ أيضًا: الشَّرطُ المَكروهُ باطِلٌ اتِّفاقًا (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : إنَّما يَلزمُ الوَفاءُ بالشُّروطِ إذا لم يُفْضِ ذلكَ إلى الإخلالِ بالمَقصودِ الشَّرعيِّ الذي هو إمَّا واجِبٌ وإمَّا مُستحَبٌّ، فأمَّا المُحافَظةُ على بَعضِ الشُّروطِ مع فَواتِ المَقصودِ بالشُّروطِ فلا يَجوزُ (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه لا يُشترطُ وُجودُ ظُهورِ القُربةِ، بل يَكفي انتِفاءُ المَعصيةِ، كما سبَقَ مُفصَّلًا، فيَجوزُ الوَقفُ على المُباحِ عندَهُم (٣).


(١) «الإنصاف» (٤/ ٥٣، ٥٥)، ويُنظَر: «الفروع» (٤/ ٤٥٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٥٢، ٣٥٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٨١، ٣٨٢)، و «الروض المربع» (٢/ ١٧٤)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣١٦، ٣٢٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٣١، ٣٣٢).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ١٦).
(٣) «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٥٨)، و «الشرح الصغير» (٩/ ١٣٤)، و «منح الجليل» (٨/ ١١٤)، «الأشباه والنظائر» ص (٤٩)، ويُنظَر: «مغني المحتاج» (٣/ ٤٦٠)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٢٣)، و «الديباج» (٢/ ٥٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>