في الآخِرةِ، فلو بذَلَ المالَ في ذلكَ عَبثًا وسَفهًا لم يَكنْ فيهِ حُجَّةٌ على تَناوُلِ المالِ، فكيفَ إذا أَلزَمَ بمُباحٍ لا غرَضَ له فيهِ؟! فلا هو يَنتفعُ به في الدُّنيا ولا في الآخِرةِ، بل يَبقَى هذا مُنفِقًا للمالِ في الباطِلِ مُسَخَّرٌ مُعَذَّبٌ آكِلٌ لِلمالِ بالباطِلِ.
وإذا كانَ الشارعُ قد قالَ:«لا سَبْقَ إلَّا في خُفٍّ أو حافِرٍ أو نَصلٍ» فلمْ يُجوِّزْ بَذْلَ الجُعلِ في شَيءٍ لا يُستعانُ به على الجِهادِ وإنْ كانَ مُباحًا، وقد يَكونُ فيهِ مَنفعةٌ كما في المُصارَعةِ والمُسابَقةِ على الأقدامِ، فكيفَ يَبذلُ العِوضَ المُؤبَّدَ في عَملٍ لا مَنفعةَ فيهِ؟! لا سِيَّما والوَقفُ مُحبَّسٌ مُؤبَّدٌ، فكيفَ يحبسُ المالَ دائِمًا مُؤبَّدًا على عَملٍ لا يَنتفِعُ به هو ولا يَنتفعُ به العامِلُ؟! فيَكونُ في ذلكَ ضَررٌ على حَبسِ الوَرثةِ وسائِرِ الآدَميِّينَ بحَبسِ المالِ عليهم بلا مَنفعةٍ حصَلَتْ لأحَدٍ، وفي ذلكَ ضَررٌ على المُتناوِلينَ باستِعمالِهم في عَملٍ هُمْ فيهِ مُسخَّرونَ يَعوقُهُم عن مَصالِحِهم الدِّينيةِ والدُّنيويةِ، فلا فائِدةَ تَحصلُ له ولا لهم (١).
وقد قسَّمَ الإمامُ ابنُ القَيِّمِ ﵀ شُروطَ الواقِفينَ إلى أربَعةِ أقسامٍ:
١ - شُروطٌ مُحرَّمةٌ في الشَّرعِ.
٢ - وشُروطٌ مَكروهةٌ للهِ تعالى ورَسولِه ﷺ.
٣ - وشُروطٌ تَتضمَّنُ ترْكَ ما هو أحَبُّ إلى اللهِ ورَسولِه.
٤ - وشُروطٌ تَتضمَّنُ فِعلَ ما هو أحَبُّ إلى اللهِ تعالى ورَسولِه.