للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَتِ الغَلةُ بينَهُم على السَّويةِ؛ لعَدمِ اتِّصالِ التَّفضيلِ بأحَدٍ مِنهم، فإنْ قالَ: «فضَّلتُ فُلانًا فجَعلتُ له كلَّ الغَلةِ» لم يَصحَّ؛ لأنه تَخصيصٌ وليسَ بتَفضيلٍ، ولا بدَّ أنْ يُعطيَ لكلِّ واحِدٍ مِنهم شيئًا ثمَّ يَزيدُ مَنْ شاءَ مِنهم بما شاءَ مِنْ قَليلٍ أو كَثيرٍ مُطلَقًا أو مدَّةً مُعيَّنةً، ولو زادَ وقالَ: «على بَنِي فُلانٍ ونَسلِهم» وفضَّلَ واحِدًا مِنهم وولَدَه ونَسلَه أبَدًا ما تَناسَلوا جازَ، وكانَ ذلكَ له ولنَسلِه أبَدًا، وليسَ له الرُّجوعُ فيهِ؛ لأنَّ التَّفضيلَ يَلتحقُ بأصلِ الوَقفِ بسَببِ اشتِراطِه فيهِ، ولو فضَّلَ واحِدًا بنِصفِ غَلةٍ سَنةً مثلًا جازَ، ويَكونُ أُسوةَ شُركائِه فيما يَحدثُ بعدَها، وتَعودُ مَشيئةُ التَّفضيلِ إليه.

ولو قالَ: «فضَّلتُ فُلانًا على إخوَتِه بنِصفِ الغَلةِ» وكانوا ثَلاثةً استَحقَّ المُفضَّلُ ثُلثَيها وأخواهُ ثُلثَها؛ لأنَّ النِّصفَ صارَ له بالتَّفضيلِ والنِّصفُ الآخَرُ يُقسَمُ بينَهُم أثلاثًا؛ لتَساويهِم فيهِ، فيَكونُ لكلٍّ سُدسٌ، والنِّصفُ مع السُّدسِ ثُلثانِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: إذا قالَ الواقفُ: «دارِي وَقفٌ على أولادي» ولم يُبيِّنْ تَفضيلَ أحَدٍ على أحَدٍ فيَجبُ التَّسويَةُ بينَ الذَّكرِ والأُنثى في المَصرِفِ، فإنْ بيَّنَ شيئًا بأنْ فضَّلَ الأُنثى على الذَّكرِ أو الذَّكرَ على الأُنثى عُمِلَ به (٢).


(١) «الإسعاف» ص (١٢٦).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٧٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٧٦)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٩١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٥٣)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٦٦، ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>