للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، وافَقَتْ لُغةَ العَربِ ولُغةَ الشَّرعِ أم لا، ولا خِلافَ أنَّ مَنْ وقَفَ على صَلاةٍ أو صِيامٍ أو قِراءةٍ أو جِهادٍ غيرِ شَرعيٍّ ونَحوِه لم يَصحَّ. اه

قالَ العلَّامةُ قاسِمٌ: قُلتُ: وإذا كانَ المعنَى ما ذُكِرَ فما كانَ مِنْ عِبارةِ الواقفِ مِنْ قَبيلِ المُفسَّرِ لا يَحتملُ تَخصيصًا ولا تَأويلًا يُعمَلُ به، وما كانَ مِنْ قَبيلِ الظَّاهرِ كذلكَ، وما احتَملَ وفيه قَرينةٌ حُمِلَ عليها، وما كانَ مُشتَرَكًا لا يُعملُ به؛ لأنه لا عُمومَ له عندَنا ولم يَقعْ فيه نَظرُ المُجتهِدِ لتَرجُّحِ أحَدِ مَدلولَيهِ، وكذلكَ ما كانَ مِنْ قَبيلِ المُجمَلِ إذا ماتَ الواقفُ، وإنْ كانَ حَيًّا يُرجَعُ إلى بَيانِه، هذا مَعنَى ما أفادَهُ. اه

قُلتُ: فعَلى هذا إذا ترَكَ صاحِبُ الوَظيفةِ مُباشَرتَها في بَعضِ الأوقاتِ المَشروطِ عليهِ فيها العَملُ لا يَأثمُ عندَ اللهِ تعالى، غايَتُه أنه لا يَستحِقُّ المَعلومَ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : والأصلُ أنَّ كُلَّ ما شُرِطَ مِنْ العَملِ في الوُقوفِ التي تُوقَفُ على الأعمالِ فلا بدَّ أنْ يَكونَ قُربةً، إمَّا واجِبًا وإمَّا مُستحَبًّا، أمَّا اشتِراطُ عَملٍ مُحرَّمٍ فلا يَصحُّ باتِّفاقِ المُسلمينَ، بل كذلكَ المَكروهُ، وكذلكَ المُباحُ على الصَّحيحِ.

وقد اتَّفقَ المُسلمونَ على أنَّ شُروطَ الواقفِ تَنقسمُ إلى صَحيحٍ وفاسِدٍ كما في سائِرِ العُقودِ، ومَن قالَ: «إنَّ شُروطَ الواقفِ كنُصوصِ الشَّارعِ» فمُرادُه أنها كالنُّصوصِ في الدِّلالةِ على مُرادِ الواقفِ لا في وُجوبِ العملِ بها،


(١) «البحر الرائق» (٥/ ٢٦٥، ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>