للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ وَهْبانَ: لأنه إذا أبَّدَهُ على مَصرِفِه الشَّرعِيِّ فقدْ منَعَ مَنْ يَصرِفُه مِنْ أُمَراءِ الجَورِ في غَيرِ مَصرِفِه اه.

فقدْ أفادَ أنَّ المُرادَ مِنْ هذا الوَقفِ تَأبيدُ صَرفِه على هذه الجِهةِ المُعيَّنةِ التي عَيَّنَها السُّلطانُ مِمَّا هو مَصلحةٌ عامَّةٌ، وهو معنَى الإرصادِ السَّابقِ، فلا يُنافي ما تقدَّمَ، واللهُ سُبحانَه أعلَمُ (١).

إلا أنهُم لم يُجَوِّزُوا وقْفَ الإقطاعَاتِ -وهي ما يُعطيهِ الإمامُ مِنْ الأراضي رَقَبةً أو مَنفعةً لمَن له حقٌّ في بَيتِ المالِ- إلَّا إذا كانَتِ الأرضُ مَواتًا أو مِلكًا للإمامِ فأقطَعَها رَجلًا، فلو وقَفَ أرضًا أقطَعَه إيَّاها السُّلطانُ فإنْ كانَتْ مِلكًا له أو مَواتًا صَحَّ، وإنْ كانَتْ مِنْ بَيتِ المالِ لا يَصحُّ، وأغْلَبُ أوقافِ الأُمَراءِ بمِصرَ إنَّما هِي إقطاعَاتٌ يَجعلونَها مُشتراةً صورَةً مِنْ وَكيلِ بَيتِ المالِ.

ولا يَجوزُ وَقفُ أرضِ الحَوزِ للإمامِ؛ لأنه ليس بمالِكٍ لها، وكذا لو وقَفَها مَنْ أدخَلَهُ السُّلطانُ فيها لِعِمارَتِها لا يَصحُّ؛ لكونِهِ مُزارِعًا لمالِكِها.

وتَفسيرُ أرضِ الحَوزِ: أرضٌ عجَزَ صاحِبُها عن زِراعَتِها وأداءِ خَراجِها فدفَعَها إلى الإمامِ لتَكونَ مَنافِعُها جَبْرًا للخَراجِ (٢).

وقالَ ابنُ عابدِينَ : قَولُه: (وأمَّا وَقفُ الإقطاعاتِ … إلخ)


(١) «ابن عابدين» (٤/ ١٨٣، ١٨٤).
(٢) «الإسعاف» ص (٢٠، ٢١)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٠٣)، و «النهر الفائق» (٣/ ٣١٢)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>