للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: يُشترطُ في الوَقفِ التَّأبيدُ، بأنْ يَقِفَ على مَنْ لا يَنقرضُ كالفُقراءِ والمَساكينِ، أو على مَنْ يَنقرضُ ثُمَّ على مَنْ لا يَنقرضُ كقَولِه: «وَقَفتُ على وَلَدي ثُمَّ على الفُقراءِ، أو على زَيدٍ ثُمَّ عَقبِه ثمَّ الفُقراءِ».

فلو قالَ الواقفُ: «وَقَفتُ هذا على الفُقراءِ أو على كذا سَنةً» مثلًا فباطِلٌ هذا الوَقفُ؛ لفَسادِ الصِّيغةِ؛ لأنَّ وضْعَه على التأبيدِ، وسَواءٌ في ذلكَ طَويلُ المدَّةِ وقَصيرُها، فإنْ أعقَبَه بمَصرِفٍ ك: «وَقَفتُه على زَيدٍ سَنةً ثُمَّ على الفُقراءِ» صَحَّ بلا خِلافٍ، ورُوعِيَ فيه شَرطُ الواقفِ.

وهذا فيما لا يُضاهِي التَّحريرَ، أمَّا ما يُضاهيهِ كالمَسجدِ والمَقبرةِ والرِّباطِ كقولِه: «جَعلتُه مَسجدًا سَنةً» فإنه يَصحُّ مُؤبَّدًا (١).

وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: يُشترطُ في الوَقفِ التَّأبيدُ، فلو قالَ: «وَقَفتُه إلى سَنةٍ» لم يَصِحَّ الوَقفُ، أو قالَ: «وَقَفتُه إلى يَومِ يَقدمُ الحاجُّ» ونحوَه -أي: نحوَ ما ذُكِرَ ممَّا فيه تَأقيتُ الوَقفِ- لم يَصحَّ الوَقفُ؛ لأنَّ مُقتضاهُ التَّأبيدَ، والتَّأقيتُ يُنافيهِ.

وإنْ قالَ: «وَقَفتُ دارِي مثلًا على أولادِي سَنةً أو مُدَّةَ حَياتي ثُمَّ على الفُقراءِ» صَحَّ الوَقفُ؛ لاتِّصالِه ابتِداءً وانتِهاءً، وكذا لو وقَفَه على ولَدِه سَنةً ثُمَّ على زيدٍ سَنةً ثُمَّ على عَمرٍو سَنةً ثمَّ على المَساكينِ.


(١) «الإقناع» (٢/ ٣٦٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٦٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٢٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٨٢)، و «الديباج» (٢/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>