للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الصَّحيحِ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه يُشترطُ قَبولُه؛ لأنه تَبَرُّعٌ لآدَميٍّ مُعيَّنٍ، فكانَ مِنْ شَرطِه القَبولُ كالهِبةِ والوصِيةِ، يُحقِّقُه أنَّ الوَصيةَ إذا كانَتْ لآدَميٍّ مُعيَّنٍ وُقفَتْ على قَبولِه، وإنْ كانَتْ لغيرِ مُعيَّنٍ كالمَساكينِ أو لمَسجدٍ أو نَحوِه لم تَفتقرْ إلى قَبولٍ، كذا هاهُنا.

قالَ الحَنفيةُ: لا يُشترطُ قَبولُ المَوقوفِ عليهِ لو غيرَ مُعيَّنٍ كالفُقراءِ، فلو لشَخصٍ بعَينِه وآخِرُه للفُقراءِ اشتُرطَ قَبولُه في حقِّه، فإنْ قَبِلَه فالغلَّةُ له، وإنْ رَدَّه فللفُقراءِ، ومَن قَبِلَ ليسَ له الرَّدُّ بعدَه، ومَن رَدَّه أوَّلَ الأمرِ ليسَ له القَبولُ بعدَه (١).

قالَ المالِكيةُ: الوقفُ إذا كانَ على غيرِ مُعيَّنينَ كالفُقراءِ والمَساجدِ وما أشبَهَ ذلكَ فإنه لا يُشترطُ قَبولُه؛ لتَعذُّرِ ذلكَ مِنْ المَساجدِ ونحوِها، ولأنه لو اشتُرطَ قَبولُ مُستحِقِّه لَمَا صَحَّ على المَساجدِ والفُقراءِ ونحوِهم.

وأمَّا لو كانَ الوقفُ على مُعيَّنٍ كزَيدٍ مثلًا وهو أهلٌ للرَّدِّ والقَبولِ فإنه يُشترطُ في صحَّةِ الوَقفِ عليه قَبولُه، فإنْ لم يَكنْ أهلًا لذلكَ كالمَجنونِ والصغيرِ فإنَّ وَليَّه يَقبلُ له، فإنْ لم يَكنْ له وَليٌّ أُقيمَ له مَنْ يَقبلُ عنهُ كما في الهِبةِ.

فإنْ رَدَّ المَوقوفُ عليه المُعيَّنُ ما وقَفَه الغَيرُ عليه في حَياةِ الواقفِ أو بعدَ


(١) «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٣٤٢)، و «الإسعاف» ص (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>