للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - «أَبَّدْتُ»: ذهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ الحَنفية والشافِعية في الأصَحِّ والحَنابلة إلى أنَّ لَفظةَ «أبَّدْتُ» لَيسَتْ مِنْ الألفاظِ الصَّريحةِ؛ لأنَّ التَّأبيدَ يُستعمَلُ في كُلِّ ما يُرادُ تَأبيدُهُ مِنْ وَقفٍ وغيرِهِ، فهيَ مِنْ ألفاظِ الكِناياتِ، فلا يَصِحُّ بِها الوَقفُ إلَّا إنْ نَوى الوَقفَ بِها.

قالَ الحَنفية: ألفاظُ الوَقفِ سِتَّةٌ: وَقَفتُ وحَبَّسْتُ وسَبَّلْتُ وتَصَدَقْتُ وأبَّدْتُ وحَرَّمْتُ، فالثَّلاثةُ الأولى صَريحٌ فيهِ، وباقيهِ كِنايةٌ لا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وأمَّا الكِنايةُ فهيَ: «تَصدَّقتُ، وحَرَّمتُ، وأبَّدتُ» فليسَتْ صَريحةً؛ لأنَّ لَفظةَ الصَّدقةِ والتَّحريمِ مُشتَرَكةٌ، فإنَّ الصَّدقةَ تُستعملُ في الزَّكَواتِ والهِباتِ، والتَّحريمُ يُستعملُ في الظِّهارِ والأَيمانِ، ويَكونُ تَحريمًا على نَفسِه وعلى غَيرِه، والتَّأبيدُ يَحتملُ تَأبيدَ التَّحريمِ وتَأبيدَ الوَقفِ، ولم يَثبتْ لهذه الألفاظِ عُرفُ الاستعمالِ، فلا يَحصلُ الوَقفُ بمُجرَّدِها ككِناياتِ الطلاقِ فيهِ، فإنِ انضَمَّ إليها أحَدُ ثلاثةِ أشياءَ حصلَ الوَقفُ بها:

أحَدُها: أنْ يَنضَمَّ إليها لَفظةٌ أُخرى تُخلِّصُها مِنْ الألفاظِ الخَمسةِ، فيَقولُ: «صَدقةٌ مَوقوفةٌ، أو مُحبَّسةٌ، أو مُسبَّلةٌ، أو مُحَرَّمةٌ، أو مُؤبَّدةٌ»، أو يَقولُ: «هذه مُحرَّمةٌ مَوقوفةٌ، أو مُحبَّسةٌ، أو مُسبَّلةٌ، أو مُؤبَّدةٌ».


(١) «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>