للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرَوى ابنُ القاسِمِ عنه: هو عَشرةُ أَيامٍ، ورُويَ عنه أيضًا أقَلُّ الطُّهرِ ثَمانيةُ أَيامٍ، وهو قَولُ سُحنونٍ، وقالَ عبدُ المَلكِ بنُ الماجشونِ: أقَلُّ الطُّهرِ خَمسةُ أَيامٍ، ورَواه عن مالِكٍ، وإلى هذه الرِّوايةِ مالَ بعضُ البَغداديِّينَ من المالِكيِّينَ، وقالَ مُحمدُ بنُ مَسلمةَ: أقَلُّ الطُّهرِ خَمسةَ عَشرَ يَومًا، وهو اختيارُ أكثَرِ البَغداديِّينَ من المالِكيِّينَ، وهو قَولُ الشافِعيِّ وأبي حَنيفةَ وأَصحابِهما والثَّوريِّ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّ اللهَ قد جعَلَ عِدةَ ذاتِ الأقراءِ ثَلاثةَ قُروءٍ وجعَلَ عِدةَ مَنْ لا تَحيضُ من كِبَرٍ أو صِغرٍ ثَلاثةَ أشهُرٍ فكانَ كلُّ قُرءٍ عِوضًا عن شَهرٍ، والشَّهرُ يَجمعُ الطُّهرَ والحَيضَ، فإذا قَلَّ الحَيضُ كثُرَ الطُّهرُ، وإذا كثُرَ الحَيضُ قَلَّ الطُّهرُ، فلَمَّا كانَ أكثَرُ الحَيضِ خَمسةَ عَشرَ يَومًا وجَبَ أنْ يَكونَ الطُّهرُ خَمسةَ عَشرَ يَومًا ليَكمُلَ في الشَّهرِ الواحِدِ حَيضٌ وطُهرٌ، وهو المُتعارفُ في الأغلَبِ من كَثرةِ النِّساءِ وجِبلَّتِهنِ مع دَلائلِ القُرآنِ والسُّنةِ على ذلك كما ذكَرْنا (١).

وتَظهرُ فائِدةُ التَّحديدِ عندَ المالِكيةِ في أقَلِّ الطُّهرِ فيما لو حاضَت مُبتدأَةً وانقطَعَ عنها دونَ خَمسةَ عَشرَ يَومًا ثم عاوَدَها قبلَ تَمامِ طُهرٍ، فتَضمُّ هذا الثانِيَ للأولِ بمَثابةِ ما إذا لم يَنقطعْ، ثم هو دَمُ عِلةٍ، وإنْ عاوَدَها بعدَ تَمامِ الطُّهرِ فهو حَيضٌ مُستأنَفٌ، أي تَحسُبُه من العِدةِ ويَجرى عليها سائِرُ أَحكامِه (٢).


(١) «الاستذكار» (١/ ٣٤٨).
(٢) «شرح مختصر خليل» (١/ ٢٠٤)، و «بلغة السالك» (١/ ١٤٤، ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>