وهذا في الظَّاهِرِ، أمَّا إنْ نَوى به الوَقفَ صارَ وَقفًا فيما بينَهُ وبينَ اللهِ تعالى دونَ الحُكمِ، إلا أنْ يَقولَ:«أنا نَويْتُ به الوَقفَ» فَيَصيرُ وَقفًا فيما بينَهُ وبينَ اللهِ تعالى وفي الحُكمِ.
فإنْ قَرَنَ بالصَّدقةِ لَفظةً مِنْ ألفاظِ الوَقفِ بأنْ قالَ:«صَدقةٌ مَوقوفةٌ، أو مُحبَّسةٌ، أو مُسبَّلةٌ أو مُحرَّمةٌ، أو مُؤبَّدةٌ»، أو قَرَنَ بها حُكمًا مِنْ أحكامِ الوَقفِ بأنْ قالَ:«صَدقةٌ لا تُباعُ ولا تُوهَبُ ولا تُورثُ» صارَ ذلكَ وَقفًا على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ؛ لأنَّ انضِمامَ ذلكَ إلى لَفظِ الصَّدقةِ لا يَحتملُ غيرَ الوَقفِ.
والثَّاني: أنه كِنايةٌ؛ لأنه صَريحٌ في التَّملُّكِ المَحضِ المُخالِفِ لمَقصودِ الوَقفِ.
والثالثُ: أنه تَمليكٌ في قَولِه: «صَدقةٌ مُحرَّمةٌ» دونَ ما إذا قيَّدَ بأنها لا تُباعُ ولا تُوهبُ (١).
وقالَ الحَنابلةُ: لَفظةُ «تَصدَّقْتُ» كِنايةٌ في الوَقفِ وليسَتْ صَريحةً؛ لأنَّ الصَّدقةَ لَفظٌ مُشتَرَكٌ يُستعمَلُ في الزَّكاةِ، وهي ظاهِرةٌ في صَدقةِ التطوعِ، ولا يَصحُّ الوَقفُ بها مُجرَّدةً عمَّا يَصرفُها إليهِ، ككِناياتِ الطلاقِ فيهِ؛ لأنها لم
(١) «المهذب» (١/ ٤٤٢)، و «البيان» (٨/ ٧٣)، و «الوسيط» (٥/ ١٨٤)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٤١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٦٢، ٤٦٣)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٢٦)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٤٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٧٧، ٤٧٨)، و «الديباج» (٢/ ٥٢١).