للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ سَكِرَ أحَدُهما بتَعَدٍّ -أي: بمُحرَّمٍ- فاحتِمَالانِ:

أحَدُهما: أنَّه كَذلك، أي: يَنعزِلُ الوَكيلُ.

والآخَرُ: خِلافُه، أي: لا يَنعزِلُ الوَكيلُ؛ لأنَّ المُتعَدِّيَ حُكمُه حُكمُ الصَّاحِي (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: لا تَبطُلُ الوَكالةُ بالسُّكرِ الذي يُفسَقُ به في غيرِ ما يُنافيه؛ لأنَّه لا يُخرِجُه عن أهلِيَّةِ التَصرُّفِ.

وأمَّا ما يُنافي الفِسقَ، كالإيجابِ في عَقدِ النِّكاحِ؛ فإنَّ الوَكالةَ تَبطُلُ به بالسُّكْرِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : أمَّا السُّكْرُ فحيثُ قُلْنا: يُفسِقُ؛ فإنَّ الوَكالةَ تَبطُلُ فيما يُنافي الفِسقَ، كالإيجابِ في عَقدِ النِّكاحِ ونحوِه، وإلَّا فلا (٢).

وأمَّا الحَنفيَّةُ؛ فقالَ ابنُ نُجَيمٍ : السَّكرانُ مُكَلَّفٌ؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣]، خاطَبَهم تَعالى ونَهاهُم حالَ سُكرِهم.

فَإنْ كانَ السُّكْرُ مِنْ مُحرَّمٍ فالسَّكرانُ مِنه هو المُكَلَّفُ، وإنْ كانَ مِنْ


(١) «حاشية قليوبي وعميرة على كنز الراغبين» (٢/ ٨٧٠)، و «حاشية الجمل على شرح المنهج» (٣/ ٤٢٠)، و «حواشي الشرواني على تحفة المحتاج» (٥/ ٤٣٠).
(٢) «المغني» (٥/ ٧١، ٧٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٦٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>