للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ أبو الوَليدِ ابنُ رُشدٍ : وقَد أجمَعوا في الرَّجلِ يُوكِّلُ الرَّجلَ على بَيعِ سِلعَتِه، ثم يَبيعُها هو ويَبيعُها الوَكيلُ بعدَه وهو لا يَعلَمُ بَيعَ صاحِبِها، أنَّها تَكونُ لِلثَّاني إذا قَبَضَها، وفي إجماعِهم على هذا دَليلٌ على أنَّ الوَكالةَ لا تَنفسِخُ بالفَسخِ نَفْسِه، حتى يَعلَمَ الوَكيلُ بفَسخِه إيَّاها، أو يَعلَمَ بذلك المُشتَرِي (١).

وقالَ أبو عُمرَ يُوسفُ بنُ عَبدِ اللَّهِ بنِ عَبدِ البَرِّ : واختَلفَ قَولُ مالِكٍ في الوَكيلِ يَعزِلُه مُوكِّلُه، ويُشهِدُ بعَزلِه، فيُنَفَّذُ ما وُكِّلَ به بعدَ ذلك وهو لا يَعلَمُ، فرُوِيَ عنه أنَّ تَصرُّفَه بعدَ ذلك مَردودٌ، سَواءٌ علِم بالعَزلِ أو لَم يَعلَمْ، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ، وبِه أقولُ، قياسًا على اتِّفاقِهم أنَّه لو وكَّله ببَيعِ شَيءٍ ثم باعَه المُوكِّلُ أنَّ ذلك خُروجٌ لِلوَكيلِ عن الوَكالةِ، وعَزْلٌ، وإنْ لَم يَعلَمْ.

وَرُوِيَ عن مالِكٍ أنَّه إنْ علِم بالعَزلِ فتَصرُّفُه باطِلٌ، وإنْ لَم يَعلَمْ فتَصرُّفُه صَحيحٌ؛ لأنَّه على ما جُعِلَ إليه حتى يَصحَّ عندَه عَزْلُه (٢).

وذهَب الشَّافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وأبو جَعفَرٍ الطَّحاويُّ مِنْ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةُ في قَولٍ -كما تَقدَّم- إلى أنَّه لا يُشترَطُ عِلمُ الوَكيلِ بالعَزلِ؛ فإذا قالَ المُوكِّلُ: إنِّي قَدْ فَسَختُ الوَكالةَ، أو عَزَلتُ الوَكيلَ عَنها، أو أخرَجتُه مِنها، صَحَّ، وانعزَل الوَكيلُ، وسَواءٌ علِم به الوَكيلُ أو لا.


(١) «البيان والتحصيل» (٨/ ٢١٤، ٢١٥).
(٢) «الكافي» (١/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>