بغيرِ بيِّنةٍ، فأنكَرَ المُوكِّلُ، أو قالَ: أشهَدتُ على القَضاءِ شُهودًا فماتوا، فأنكَرَ المُوكِّلُ، فالقَولُ قَولُه؛ لأنَّ الأصْلَ معه (١).
وذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ في قَولٍ والشَّافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأظهَرِ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الوَكيلَ إذا دفَع الدَّيْنَ الذي على مُوكِّلِه ولَم يُشهِدْ، ثم أنكَرَ الغَريمُ؛ فإنَّه لا يَضمَنُ.
قالَ الحَنفيَّةُ: حتى لو قالَ له: ادفَعْه بشُهودٍ، أو بحَضرةِ فُلانٍ، فدفَعه بغيرِ شُهودٍ، ولا بمَحضَرِ فُلانٍ، إلَّا أنْ يَقولَ المُوكِّلُ: لا تَدفَعْه إلَّا بشُهودٍ، أو بحَضرةِ فُلانٍ، فقَضاه بغيرِ شُهودٍ، أو بغيرِ حَضرةِ فُلانٍ؛ فإنَّه يَضمَنُ، كما في الوَكيلِ بالبَيعِ.
قالوا: هذا إذا كانَ رَجُلًا رَفيعَ القَدْرِ تَحتَشِمُ النَّاسُ عن مُخالَفَتِه، وإنْ كانَ وَضيعَ القَدْرِ لا يَصيرُ مُخالِفًا؛ لأنَّه شرَط شَرطًا لا يُفيدُ، فلا يَجِبُ على المأْمورِ مُراعاتُه، وإنْ أكَّدَه بالنَّفْي، كما لو قالَ: لا تَبِعْ إلَّا بألْفٍ، أو: لا تَبِعْ إلَّا بالنَّسيئةِ، فباعَ بألْفَيْنِ، أو بالنَّقدِ، جازَ؛ لأنَّه غيرُ مُفيدٍ أصْلًا، ومِنه: لا تَبِعْه في سُوقِ كذا، فباعَه في غيرِه، نُفِّذَ، ولو قالَ: لا تَبِعْه إلَّا في سُوقِ كذا لا يُنَفَّذُ، أي: عندَ التَّفاوُتِ في الرَّغَباتِ.
قالوا: المَدِينُ إذا دفَع مالَه إلى رَجُلٍ لِيَقضيَ دَيْنَه، وقالَ له المَدِينُ: ادفَعْ هذا المالَ إلى فُلانٍ قَضاءً ممَّا له عَليَّ، وخُذِ الصَّكَّ، فدفَع ولَم يَأخُذِ
(١) «المغني» (٥/ ٦٥، ٦٦)، و «الكافي» (٢/ ٢٤٩)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٤٦)، و «المبدع» (٤/ ٣٨٠)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٩٥، ٣٩٦).