للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيَّةُ: الوَكيلُ غيرُ المُفَوَّضِ إذا وُكِّلَ على قَبضِ حَقٍّ، فقالَ: قَبَضتُه وتَلِفَ مِنِّي، أو رَدَدتُه لِمُوكِّلي؛ فإنَّه يَبرَأُ لِمُوكِّلِه مِنْ ذلك؛ لأنَّه أمينٌ، وأمَّا الغَريمُ الذي عليه الدَّيْنُ؛ فإنَّه لا يَبرَأُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِاحتِمالِ أنْ يَكونَ كاذِبًا في إقرارِه، يَتوَاطَأُ مَعه، ولا تَنفَعُه شَهادةُ الوَكيلِ؛ لأنَّها شَهادةٌ على فِعلِ نَفْسِه، وإذا غُرِّمَ الغَريمُ فإنَّه يَرجِعُ بذلك على الوَكيلِ، إلَّا أنْ يَتحقَّقَ تَلفُه مِنْ غيرِ تَفريطٍ مِنه؛ فَإنْ جَهِلَ الغَريمُ بتَفريطِ الوَكيلِ وعَدمِ تَفريطِه، فقَولانِ بالرُّجوعِ وعَدمِه.

إلَّا إذا أقامَ بيِّنةً تَشهَدُ له بأنَّه دفَع الدَّيْنَ إلى الوَكيلِ المَذكورِ، فيَبرَأُ حينَئذٍ كما يَبرَأُ الوَكيلُ، ويَضيعُ المالُ على المُوكِّلِ، ومِثلُ البيِّنةِ الشَّاهِدةِ على مُعايَنةِ القَبضِ مِنْ الغَريمِ إقرارُ المُوكِّلِ بدَفْعِ الغَريمِ لِلوَكيلِ.

وَللغَريمِ تَحليفُ المُوكِّلِ على عَدمِ العِلمِ بدَفْعِه إلى الوَكيلِ، وعَدمِ وُصولِ المالِ إليه عندَ عَدمِ بيِّنةٍ لِلغَريمِ تَشهَدُ بمُعايَنةِ القَبضِ.

وأمَّا الوَكيلُ المُفَوَّضُ إليه ومِثلُه الوَصِيُّ إذا أقَرَّ كُلٌّ مِنهُما بأنَّه قبَض الحَقَّ لِمُوكِّلِه، أو لِيَتيمِه، ثم قالَ بعدَ ذلك: تَلِفَ مِنِّي؛ فإنَّه يَبرَأُ مِنْ ذلك، وكَذلك الغَريمُ يَبرَأُ مِنْ الدَّيْنِ، ولا يَحتاجُ إلى إقامةِ بيِّنةٍ؛ لأنَّ المُفوَّض جعَل له الإقرارَ، وكذلك الوَصِيُّ مِثلُه (١).


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٧٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢١٤)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٧١)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٨١، ٨٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>