للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَكيلِ بالثَّمنِ الذي أخَذَه مِنه لا غيرُ؛ لأنَّه لَم يُسلِّمْ له المَبيعَ، وإنْ ضَمِن الوَكيلُ لَم يَرجِعْ على المُشتَرِي في الحالِ؛ لأنَّه يُقِرُّ بصِحَّةِ البَيعِ وتَأجيلِ الثَّمنِ، وأنَّ البائِعَ ظَلَمَه بالرُّجوعِ عليه، وأنَّه إنَّما يَستحقُّ المُطالَبةَ بالثَّمنِ بعدَ الأجَلِ؛ فإذا حَلَّ الأجَلُ رجَع الوَكيلُ على المُشتَرِي بأقَلِّ الأمرَيْنِ مِنْ القِيمةِ أوِ الثَّمنِ المُسمَّى؛ لأنَّ القِيمةَ إنْ كانَتْ أقَلَّ فما غُرِّمَ أكثَرُ مِنها، فلا يُرجَعُ بأكثَرَ ممَّا غُرِّمَ، وإنْ كانَ الثَّمنُ أقَلَّ فالوَكيلُ مُعتَرِفٌ لِلمُشتَرِي بأنَّه لا يَستحقُّ عليه أكثَرَ مِنه، وأنَّ المُوكِّلَ ظَلَمَه بأخْذِ الزَّائِدِ على الثَّمنِ، فلا يَرجِعُ على المُشتَرِي بما ظَلَمَه به المُوكِّلُ، وإنْ كذَّبه أحَدُهما دونَ الآخَرِ فله الرُّجوعُ على المُصدَّقِ بغيرِ يَمينٍ، ويُحلَفُ على المُكَذَّبِ، ويُرجَعُ على حَسَبِ ما ذَكَرنا، هذا إنِ اعتَرَفَ المُشتَرِي بأنَّ الوَكيلَ وَكيلٌ في البَيعِ، وإنْ أنكَرَ ذلك، وقالَ: إنَّما بِعتَني مِلكَكَ، فالقَولُ قَولُه مَع يَمينِه أنَّه لا يَعلَمُ كَونَه وَكيلًا، ولا يَرجِعُ عليه بشَيءٍ (١).

وذهَب الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّهما لو اختَلَفا في صِفةِ الوَكالةِ بأنْ قالَ: أذِنتُ لكَ في البَيعِ نَقدًا، وفي الشِّراءِ بخَمسةٍ، قالَ: بَلْ أذِنتَ لي في البَيعِ نَسيئةً، وفي الشِّراءِ بعَشَرةٍ، فالقَولُ قَولُ الوَكيلِ، نَصَّ عليه أحمَدُ في المُضارَبةِ؛ لأنَّه أمينٌ في التَصرُّفِ، فكانَ القَولُ قوله في صِفَتِه، كالخيَّاطِ إذا قالَ: أذِنتَ لي في تَفصيلِه قَباءً، قالَ: بَلْ قميصًا (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٦٣، ٦٤).
(٢) «المغني» (٥/ ٦٣، ٦٤)، و «الكافي» (٢/ ٢٥٥)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٥٠)، و «المبدع» (٤/ ٣٨٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٩٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٦٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٣٧)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>