للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ قوله في تَلَفِها بذلك، وهذا قَولُ الشَّافِعيِّ؛ لأنَّ وُجودَ الأمْرِ الظَّاهِرِ ممَّا لا يَخفَى، فلا تَتعذَّرُ إقامةُ البيِّنةِ عليه (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: يُصدَّقُ الوَكيلُ في التَّلَفِ، ولا فَرقَ بينَ أنْ يَدَّعيَ تَلَفَ الثَّمنِ أو المُشترَى -بالفَتحِ- أو البَيعَ، سَواءٌ أسلَفَ الثَّمنَ الذي وقَع به الشِّراءُ أو لا.

فَفي ابنِ يُونُسَ قالَ مالِكٌ فيمَن أمَرَ رَجُلًا يَشترِي له لُؤلُؤًا مِنْ مَكَّةَ، ويَنقُدُ عنه، فقدِم، وزَعَمَ أنَّه ابتاعَه له، ونقَد فيه، ثم تَلِفَ اللُّؤلُؤُ، فيَحلِفُ أنَّه قَدِ ابتاعَ له ما أمَرَه به، ونقَد عنه، ويَرجِعُ بالثَّمنِ على الآمِرِ؛ لأنَّه أمينُه.

ولو ادَّعى أنَّه أخرَجَ الثَّمنَ فضاعَ قبلَ شِرائِه له لَم يَضمَنْ إلَّا ببيِّنةٍ، ولو كانَ السَّلَمُ ممَّا يَجوزُ بَيعُه قبلَ قَبضِه، فوكَّله على بَيعِه، فقالَ: أنا بِعتُه وضاعَ الثَّمنُ، فهَهُنا يُصدَّقُ مَع يَمينِه، كَمَسألةِ اللُّؤْلُؤِ (٢).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: وإنِ ادَّعى الوَكيلُ أنَّ العَينَ التي في يَدِه لِمُوكِّلِه تَلِفَتْ مِنْ غيرِ تَفريطٍ، وأنكَرَ المُوكِّلُ تَلَفَها، فإنِ ادَّعى تَلَفَها بسَبَبٍ ظاهِرٍ لَم يُقبَلْ


(١) «المغني» (٥/ ٦٠)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٤٧)، و «العدة شرح العمدة» (١/ ٢٣٨)، و «المبدع» (٤/ ٣٨١)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٩٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٦٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٣٥).
(٢) «البهجة في شرح التحفة» (١/ ٣٤٦)، (٢/ ٤٦٤)، و «المدونة» (٤/ ١٩١)، و «تهذيب المدونة» (٢/ ٥٣)، و «الذخيرة» (٤/ ٢٢٩)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٧٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢١٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٩٥)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٨١)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>