للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمينهِ؛ لأنَّه أمينُ، وهذا ممَّا يَتعذَّرُ إقامةُ البيِّنةِ عليه، فلا يُكَلَّفُ ذلك، كالمُودَعِ، وكَذلك كلُّ مَنْ كانَ في يَدِه شَيءٌ لِغيرِه على سَبيلِ الأمانةِ، كالأبِ والوَصِيِّ وأمينِ الحاكِمِ والمُودَعِ والشَّريكِ والمُضارِبِ والمُرتهَنِ والمُستأجِرِ، وإنَّما كانَ كَذلك لأنَّه لو كُلِّفَ ذلك مَع تَعَذُّرِه عليه لَامتَنَعَ النَّاسُ مِنْ الدُّخولِ في الأماناتِ مَع الحاجةِ إليها، فلَحِقَهم الضَّرَرُ.

ولأنَّه مُنكِرٌ لِمَا يُدَّعى عليه، والقَولُ قَولُ المُنكِرِ، ومتى ثَبَتَ التَّلفُ في يَدِه مِنْ غيرِ تَعدِّيه إمَّا لِقَبولِ قَوله، وإمَّا بإقرارِ مُوكِّلِه، أو بيِّنةٍ، فلا ضَمانَ عليه، وسَواءٌ تَلِفَ المَتاعُ الذي أُمِرَ ببَيعِه، أو باعَه وقبَض ثَمَنَه، فتَلِفَ الثَّمنُ، وسَواءٌ كانَ بجُعلٍ أو بغيرِ جُعلٍ؛ لأنَّه نائِبُ المالِكِ في اليَدِ والتَصرُّفِ، فكانَ الهَلاكُ في يَدِه كالهَلاكِ في يَدِ المالِكِ، وجَرى مَجرَى المُودَعِ والمُضارِبِ وشِبْهِهِما، وإنْ تَعدَّى أو فرَّط ضَمِن.

وكَذلك سائِرُ الأُمَناءِ (١).

قالَ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا إذا فَعلَ الوَكيلُ فِعلًا هو تَعدٍّ، وزَعَمَ أنَّ


(١) «المغني» (٥/ ٦٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٦٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٣٥)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٤)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٤/ ٢٧٩)، و «درر الحكام» (٣/ ٥٨٢، ٥٨٤)، و «الذخيرة» (٨/ ١٥)، و «البيان» (٦/ ٤٥٧)، و «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٠٢)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٥/ ٢٤٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢١٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٥٥)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٦٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٨)، و «الديباج» (٢/ ٣٢٠)، وكفاية الأخيار (٣٢٥)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>