للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونَ غيرِه، ولِهذا لمَّا عيَّن اللَّهُ تَعالى لِعِبادَتِه وَقتًا لَم يَجُزْ تَقديمُها عليه ولا تَأخيرُها عنه، فلَو قالَ له: بِعْ ثَوبي غَدًا لَم يَجُزْ بَيعُه اليَومَ ولا بعدَ غَدٍ.

أمَّا عَدمُ جَوازِه قبلَه فلأنَّ وَقتَ الإذْنِ لَم يَأتِ، وأمَّا بعدَه فلِبُطلانِ الوَكالةِ بالفَواتِ، وقَد يَكونُ لِلإنسانِ غَرَضٌ صَحيحٌ في استِيفاءِ مِلْكِه إلى زَمانٍ بعَيْنِه (١).

إلَّا أنَّ الحَنفيَّةَ عندَهم رِوايَتانِ، فيما لو قالَ: بِعْه اليَومَ فباعَه غَدًا. قالَ الحَنفيَّةُ: لو قالَ: بِعْه غَدًا، لَم يَجُزْ بَيعُه اليَومَ، ولو قالَ: بِعْه اليَومَ فباعَه غَدًا فيه رِوايَتانِ: قالَ بعضُهمُ: الصَّحيحُ أنَّ الوَكالةَ لا تَبقَى بعدَ اليَومِ.

وذهَب بعضُ الحَنفيَّةِ إلى أنَّ الوَكالةَ تَبقَى بعدَ اليَومِ؛ لأنَّ ذِكرَ اليَومِ لِلتَّعجيلِ، لا لِتَوقيتِ الوَكالةِ باليَومِ، إلَّا إذا دَلَّ الدَّليلُ عليه.

قالَ ابنُ عابِدينَ : وفي «البَزَّازيةِ»: أنَّ الوَكيلَ إلى عَشَرةِ أيَّامٍ لا تَنتَهي وِكالَتُه بمُضِيِّ العَشَرةِ في الأصَحِّ (٢).

وقالَ المالِكيَّةُ: المُوكِّلُ إذا عيَّن لِوَكيلِه زَمَنًا، بأنْ قالَ: لا تَبِعْ إلَّا في الزَّمَنِ الفُلانِيِّ، تَعيَّن، ولا يَجوزُ له أنْ يَبيعَ قبلَه ولا بعدَه، فإنْ خالَفَ وباعَ


(١) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٤٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥١٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢١٠)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٧، ٥٠)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٢، ٥٤)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٦١)، و «المغني» (٥/ ٧٦)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٣٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٦٠).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٧/ ٢٦٨، ٢٦٩)، (٥/ ٥٢٣)، و «البحر الرائق» (٧/ ١٤١)، و «الهندية» (٣/ ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>