قال: اشتَرِ بمِئةٍ نَقدًا، فاشترَى بمِئةٍ نَسيئةً، لَزِمَ الآمِرَ في أحَدِ القولَيْنِ، وهو قَولُ ابنِ أبي زَيدٍ؛ لأنَّ المُبتاعَ لو عَجَّلَ الثَّمنَ المُؤجَّلَ لَزِمَ القَبولُ.
والقَولُ الثَّاني -وهو لِابنِ اللَّبَّادِ ﵀ -: لا يَصحُّ؛ لأنَّ مِنْ حُجَّةِ المُوكِّلِ أنْ يَقولَ في مَسألةِ البَيعِ: إنَّما قُلتُ لَكَ: بمِئةٍ مُؤجَّلةٍ لِأنِّي كُنْتُ أظُنُّ أنَّ المِئةَ ثَمَنُها إلى أجَلٍ؛ فإذا ساوَتْ مِئةً حالَّةً، فثَمَنُها في التَّأجيلِ أكثَرُ.
وَيَقولُ في مَسألةِ الشِّراءَ: إنَّما قُلتُ لَكَ: اشتَرِها بمِئةٍ مُعَجَّلةٍ، ظانًّا أنَّها تُساوي أكثَرَ مِنْ ذلك في التَّأجيلِ؛ فإذا باعَها بمِئةٍ مُؤجَّلةٍ فهي تُساوي أقَلَّ مِنْ مِئةٍ مُعَجَّلةٍ، قالَ ابنُ الحاجِبِ: وفيه نَظَرٌ؛ لأنَّه لو عَجَّلَ له ما قالَ لَم يَكُنْ له مَقالٌ. قالَ في المُدوَّنةِ: وإنْ أمَرتَه ببَيعِها إلى أجَلٍ فباعَها نَقدًا فعليه الأكثَرُ ممَّا باعَها به، والقِيمةُ لِمَا تَعدَّى، وعنِ ابنِ القاسِمِ: وسَواءٌ سَمَّيتَ له ثَمَنًا أو لا، فظاهِرُ هذا الكَلامِ مَع ابنِ اللَّبَّادِ، وتَأوَّلَ ذلك بعضُهم على المُوكِّلِ إنَّما حَدَّ لِلوَكيلِ أقَلَّ الثَّمنِ، بحيثُ إنَّه إنَّما يَبيعُها بهذا العَدَدِ إذا لَم يَجِدْ أكثَرَ مِنه، ولمَّا باعَها بذلك العَدَدِ نَقدًا دَلَّ على أنَّه لَم يُبالِغْ في طَلَبِ الأثمانِ؛ لأنَّ مَنِ اشترَى بثَمَنٍ نَقدًا، فالأغلَبُ أنْ يَشترِيَ ما كَثُرَ إلى أجَلٍ، ومَهما بعدَ الأجَلُ زادَ الثَّمنُ (١).
(١) «التوضيح» لابن الحاجب (٦/ ٣٨٨، ٣٨٩)، و «الذخيرة» (٨/ ١٤)، و «عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة» (٢/ ٨٣٠)، و «المختصر الفقهي» (١٠/ ٢٨٦، ٢٨٩)، و «روضة المستبين في شرح كتاب التلقين» (٢/ ١١٧٥)، و «جامع الأمهات» ص (٣٩٨).