للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ إلى أنَّ الوَكيلَ بالبَيعِ إذا حَدَّدَ له المُوكِّلُ الثَّمنَ فخالَفَ وباعَ بأقَلَّ ممَّا حَدَّدَه له فلا يَجوزُ، ويَتوقَّفُ على رِضَا المُوكِّلِ، فإنْ شاءَ أمْضاه، وإنْ شاءَ رَدَّه.

قالَ الحَنفيَّةُ: إذا قالَ: بِعْ عَبدِي هذا بألْفِ دِرهَمٍ، فباعَه بأقَلَّ مِنْ الألْفِ، لا يُنَفَّذُ على المُوكِّلِ، لكنْ يَتوقَّفُ على إجازَتِه (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: الوَكيلُ بالبَيعِ إذا خالَفَ ما وُكِّلَ فيه بأنْ باعَ بأقَلَّ ممَّا سمَّى له المُوكِّلُ خُيِّرَ المُوكِّلُ بينَ إمضاءِ فِعلِه وبينَ رَدِّه، إلَّا أنْ يَلتزِمَ الوَكيلُ بالزَّائِدِ، فيَلزَمَ المُوكِّلَ، ولا كَلامَ له لِحُصولِ مَقصودِه (٢).

وذهَب الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ البَيعَ باطِلٌ؛ لأنَّ المُوكِّلَ لَم يَأذَنْ له فيه، ولَم يَرْضَ بخُروجِ مِلْكِه على الوَجْهِ الذي أخَّرَه الوَكيلُ؛ فإذا قالَ له: بِعْ هذا بمِئةٍ لَم يَبِعْ بأقَلَّ مِنها، ولو يَسيرًا، وإنْ كانَ بثَمَنِ مِثلِه؛ لأنَّه مُخالِفٌ لِلإذْنِ، وهذا بخِلافِ النَّقصِ عن ثَمَنِ المِثلِ بما يُتَغابَنُ به عندَ الإطلاقِ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٧)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٩٩).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٦٤، ٦٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٠٥)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٨٧، ٢٨٨).
(٣) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٤٣)، و «البيان» (٦/ ٤٣٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥١١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢١٠، ٢١٣)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٧، ٤٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٢، ٥٣)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٦١)، و «الديباج» (٢/ ٣١٧، ٣١٩)، و «الفروع» (٤/ ٨٣)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>