للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِزَوجَتِه، ولا أنْ تَبيعَ هي لِزَوجِها إنْ كانَتْ وَكيلَةً؛ لأنَّه لا يُقبَلُ شَهادةُ واحِدٍ مِنهُما على الآخَرِ؛ ولأنَّ الوَكيلَ مُؤتمَنٌ؛ فإذا باعَ لِزَوجَتِه لَحِقَتْه التُّهمةُ؛ لأنَّ المَنافِعَ بينَهما مُشترَكةٌ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهُما يَنتَفِعُ بمالِ الآخَرِ عادةً، فكانَ مالُ كلِّ واحِدٍ مِنهُما كمالِ الآخَرِ، فصارَ الوَكيلُ بائِعًا أو شارِيًا مِنْ نَفْسِه.

إلَّا أنْ يَأْذَنَ المُوكِّلُ في البَيعِ لِزَوجَتِه، أو يَقولَ: بِعْ ممَّن شِئتَ؛ فإنَّه يَجوزُ أنْ يَبيعَ لها بالإجماعِ.

وذهَب المالِكيَّةُ والصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ أبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ والشَّافِعيَّةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ وهو رِوايةٌ عن أبي حَنيفةَ إلى أنَّه يَجوزُ لِزَوجٍ إذا كانَ وَكيلًا، وكذا الزَّوجةُ أنْ يَبيعَ لِزَوجَتِه بمِثلِ القِيمةِ، ودونَ مُحاباةٍ؛ لأنَّ التَّوكيلَ مُطلَقٌ: أي: عن التَّقييدِ بشَخصٍ دونَ آخَرَ، والمُطلَقُ يُعمَلُ بإطلاقِه، فكانَ المُقتَضِي مَوجودًا، وكانَ المانِعُ مُنتَفِيًا؛ لأنَّ المانِعَ هو التُّهمةُ، ولا تُهمةَ ههُنا، ولأنَّه باعَ بالثَّمنِ الذي لو باعَ به لِأجنَبِيٍّ لَصَحَّ، فلا تُهمةَ حينَئذٍ، فهو كما لو باعَ مِنْ صَديقِه.

وقيلَ: إنْ باعَ بغَبنٍ يَسيرٍ لها يَجوزُ عندَ أبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ، أو باعَ لها بأكثَرَ مِنْ القِيمةِ يَجوزُ عندَ الإمامِ أبي حَنيفةَ.

وقالَ المالِكيَّةُ: إنْ حابَى بأنْ باعَ لها ما يُساوي عَشَرةً بخَمسةٍ مُنِعَ ومَضَى البَيعُ وغُرِّمَ الوَكيلُ ما حابَى به، والعِبرةُ بالمُحاباةِ وَقتَ البَيعِ، لا وَقتَ قِيامِ المُوكِّلِ أو عِلمِه (١).


(١) «العناية» (١١/ ١٦٢، ١٦٣)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٩٨، ٤٩٩)، و «البحر الرائق» (٧/ ١٦٦، ١٦٧)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٢)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٥٦٣)، و «اللباب» (١/ ٥٦٤)، و «ابن عابدين» (٧/ ٣٣٠)، و «الهندية» (٢/ ٥٨٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٦٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٠٩)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٠٢، ٥٠٣)، و «البيان» (٦/ ٤١٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٠)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٥)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٥٦)، و «الديباج» (٢/ ٣١٣)، و «المغني» (٥/ ٦٩)، و «الكافي» (٢/ ٢٥٢، ٢٥٣)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٢١)، و «المبدع» (٤/ ٣٦٨)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٧٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>