للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أبو يُوسفَ: يَجوزُ المَسحُ فيهما -أي: إذا كانَ جافًّا أو رَطبًا- إلا البَولَ والخَمرَ.

وقالَ مُحمدٌ: لا يَجوزُ فيهما إلا الغَسلُ كالثَّوبِ، قالَ ابنُ نَجيمٍ: والحَديثُ حُجةٌ عليه -أي: الحَديثُ السابِقُ- ولهذا رُويَ رُجوعُه كما في النِّهايةِ.

ولأبي يُوسفَ إِطلاقُ قَولِ النَّبيِّ : «إذا أصابَ خُفَّ أحدِكم أو نَعلَه أذًى فليَدلُكْهما في الأرضِ وليُصلِّ فيهما … » من غيرِ فَصلٍ بينَ الرَّطبِ واليابِسِ، والمُتجسدِ وغيرِه، وللضَّرورةِ العامةِ.

قالَ الكَمالُ بنُ الهُمامِ : وعلى قَولِ أبي يُوسفَ أكثَرُ المَشايخِ وهو المُختارُ لعُمومِ البَلوى، ونَعلمُ أنَّ الحَديثَ يُفيدُ طَهارَتَهما بالدَّلكِ مع الرُّطوبةِ؛ إذْ ما بينَ المَسجدِ والمَنزلِ ليسَ مَسافةً في مُدةِ قَطعِها ما أصابَ الخُفَّ رَطبًا (١).

أمَّا المالِكيةُ فقد فرَّقوا بينَ أرواثِ الدَّوابِ وأبوالِها وبينَ غيرِها من النَّجاساتِ، فإذا أصابَ الخُفَّ شَيءٌ من رَوثِ الدَّوابِّ وأبوالِها؛ فإنَّه يُعفَى عنه إنْ دُلكَ بتُرابٍ أو حَجرٍ أو نَحوِه حتى زالَت العَينُ، وكذا إنْ جفَّت النَّجاسةُ بحيث لم يَبقَ شَيءٌ يُخرجُه النَّعلُ سِوى الحُكمِ.

وقيَّدَ بَعضُهم العَفوَ بأنْ تَكونَ إِصابةُ الخُفِّ أو النَّعلِ بمَوضعٍ يَطرقُه الدَّوابُّ كَثيرًا، كالطُّرقِ لمَشقةِ الاحتِرازِ عنه.


(١) «البحر الرائق» (١/ ٢٣٤)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ٣١٠)، و «حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح» (١/ ١٠٨)، و «شرح فتح القدير» (١/ ١٩٥، ١٩٦)، و «الاختيار» (١/ ٣١، ٣٣)، و «الأوسط» (٢/ ١٧٠)، و «نيل الأوطار» (١/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>