للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، ومِثلُ ذلك: أُبْرِئُ فُلانًا مِنْ الحَقِّ الذي لي عليه؛ فإنَّه إبراءٌ مِنْ المُوكِّلِ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : إذا وكَّل رَجُلًا في الخُصومةِ لَم يُقبَلْ إقرارُه على مُوكِّلِه بقَبضِ الحَقِّ ولا غيرِه، وبِه قالَ مالِكٌ والشَّافِعيُّ وابنُ أبي لَيلَى.

وقالَ أبو حَنيفةَ ومُحمَّدٌ: يُقبَلُ إقرارُه في مَجلِسِ الحُكمِ فيما عَدا الحُدودَ والقِصَاصَ.

وقالَ أبو يُوسفَ: يُقبَلُ إقرارُه في مَجلِسِ الحُكمِ وغيرِه؛ لأنَّ الإقرارَ أحَدُ جَوابَيِ الدَّعْوَى، فصَحَّ مِنْ الوَكيلِ، كالإنكارِ.

ولَنا: أنَّ الإقرارَ مَعنًى يَقطَعُ الخُصومةَ ويُنافيها، فلا يَملِكُه الوَكيلُ فيها، كالإبراءِ، وفارَقَ الإنكارَ؛ فإنَّه لا يَقطَعُ الخُصومةَ ويَملِكُه في الحُدودِ والقِصَاصِ، وفي غيرِ مَجلِسِ الحاكِمِ، ولأنَّ الوَكيلَ لا يَملِكُ الإنكارَ على وَجهٍ يَمنَعُ المُوكِّلَ مِنْ الإقرارِ، فلَو ملَك الإقرارَ لامتَنَعَ على المُوكِّلِ الإنكارُ، فافتَرَقا.

ولا يَملِكُ المُصالَحةَ عن الحَقِّ، ولا الإبراءَ مِنه، بغيرِ خِلافٍ نَعلَمهُ؛ لأنَّ الإذْنَ في الخُصومةِ لا يَقتَضي شَيئًا مِنْ ذلك.

وإنْ أذِنَ له في تَثبيتِ حَقٍّ لَم يَملِكْ قَبضَه، وبِه قالَ الشَّافِعيُّ.


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥٥، ٥٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٨٠)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٩٦)، و «البهجة في شرح التحفة» (١/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>