للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به وَكيلُه عنه، وإلَّا بأنْ قالَ: وَكَّلتُكَ في الإقرارِ لِزَيدٍ بمالٍ أو شَيءٍ، فأقَرَّ كَذلك، رجَع في تَفسيرِه إلى المُوكِّلِ؛ لأنَّه أعلَمُ بما عليه (١).

قالَ النَّوَويُّ : وإذا صَحَّحْنا التَّوكيلَ لَم يَلزَمْه شَيءٌ قبلَ إقرارِ التَّوكيلِ، على الصَّحيحِ الذي قطَع به الجُمهورُ، وفي الحاوي والمُستَظهِريِّ وَجْهٌ، أنَّه يَلزَمُه بالتَّوكيلِ نَفْسِه، واللَّهُ أعلَمُ.

وإذا صَحَّحْنا التَّوكيلَ يَنبَغي أنْ يُبيِّنَ الوَكيلُ جِنسَ المُقَرِّ به وقَدْرَه.

فَلَو قالَ: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلانٍ بشَيءٍ، فأقَرَّ، أخَذَ الوَكيلُ بتَفسيرِه، ولو اقتصَرَ على قَوله: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلانٍ، فوَجهانِ:

أحَدُهما: هو كقولِه أَقِرَّ عَنِّي بشَيءٍ.

وَأصَحُّهُما: لا يَلزَمُه شَيءٌ بحالٍ؛ لِاحتِمالِ أنَّه يُريدُ الإقرارَ بعِلْمٍ أو شَجاعةٍ، لا بمالٍ.

قُلتُ: ولو قالَ: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلانٍ بألْفٍ له عَلَيَّ، فهو إقرارٌ، بلا خِلافٍ، صرَّح به الجُرجانيُّ وغيرِه، واللَّهُ أعلَمُ (٢).

وأمَّا بالنِّسبةِ لِإقرارِ الوَكيلِ بالخُصومةِ؛ فإنَّه لا يُقبَلُ إقرارُه بقَبضِ الدَّيْنِ إلَّا إذا كانَ قَدْ فُوِّضَ في ذلك عندَ المالِكيَّةِ والشَّافِعيَّةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّ الإقرارَ مَعنًى يَقطَعُ الخُصومةَ ويُنافيها، فلا يَملِكُه الوَكيلُ، ولأنَّ الإذْنَ في الخُصومةِ


(١) «المغني» (٥/ ٥٣)، و «الفروع» (٤/ ٢٧٦)، و «المبدع» (٤/ ٣٥٧)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٥٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٠٦، ٥٠٧).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩١، ٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>