لأنَّ وُقوعَ الطَّلاقِ المُبهَمِ جائِزٌ، فكانَ التَّوكيلُ فيه جائِزًا. والوَجهُ الآخَرُ: أنَّه يَجوزُ أنْ يُطَلِّقَ واحِدةً قبلَ أنْ يُعيِّنَها الزَّوجُ؛ فَإنْ طَلَّق واحِدةً مِنهُنَّ قبلَ تَعْيِينِها لَم تُطَلَّقْ؛ لأنَّ إبهامَ الطَّلاقِ مِنْ جِهةِ الزَّوجِ يَجوزُ؛ لأنَّه مَوقوفٌ على خِيارِه في التَّعيينِ، ومِن جِهةِ الوَكيلِ لا يَجوزُ؛ لأنَّه غيرُ مَوقوفٍ على خِيارِه في التَّعيينِ.
والضَّربُ الآخَرُ: أنْ تَكونَ الوَكالةُ مُقيَّدةً، وهو أنْ يُوكِّلَه في طَلاقِها على صِفةٍ، وهو أنْ يَأمُرَه أنْ يُطَلِّقَها في يَومِ الخَميسِ، فلا يَجوزُ أنْ يُطَلِّقَها إلَّا فيه، فإنْ طَلَّقها في غيرِه لَم تُطَلَّقْ، أو أنْ يَأمُرَه أنْ يُطَلِّقَها لِلسُّنَّةِ، فإنْ طَلَّقها لِلبِدعةِ لَم تُطَلَّقْ، أو أنْ يَأمُرَه أنْ يُطَلِّقَها لِلبِدعةِ، فإنْ طَلَّقها لِلسُّنَّةِ لَم تُطَلَّقْ، فلَو قالَ له: طَلِّقْها إنْ شِئتَ، لَم يَقَعْ طَلاقُه حتى يَقولَ: قَدْ شِئتُ، ولا يَكونُ إيقاعُه لِلطَّلاقِ مَشيئةً مِنهُ؛ لأنَّه قَدْ يُوقَعُ الطَّلاقُ بمَشيئَةٍ وبغيرِ مَشيئةٍ، والمَشيئةُ لا تُعلَمُ إلَّا بالقَولِ. وليسَ مِنْ شَرطِ مَشيئَتِه الفَورُ، بخِلافِ ما لو علَّق الطَّلاقَ بمَشيئَتِها؛ لأنَّ تَعليقَه لِلطَّلاقِ بمَشيئَتِها تَمليكٌ، فَرُوعِيَ فيه الفَورُ، وتَعليقُه لِلطَّلاقِ بمَشيئَتِه صِفةٌ، فلَمْ يُراعَ فيها الفَورُ، ولأنَّه جعَل إليه طَلاقَها إذا شاءَ، فلمَّا جازَ أنْ يُطَلِّقَها على الفَورِ وعلى التَّراخي، جازَ أنْ تَكونَ مَشيئَتُه مَع الطَّلاقِ المُتَراخي، لكنْ مِنْ صِحَّةِ مَشيئَتِه أنْ يُخبِرَ بها الزَّوجَ قبلَ طَلاقِه، فإنْ أخبَرَ بها غيرَه ثم طَلَّق، لَم يَقَعْ؛ لأنَّه إذا كانَ إخبارُه بها شَرطًا، كانَ إخبارُ الزَّوجِ بها أحَقَّ، وأوْلَى أنْ يَكونَ شَرطًا، فلَو قالَ له: طَلِّقْها إنْ شاءَتْ، رُوعِيَتْ مَشيئَتُها عندَ عَرضِ الوَكيلِ الطَّلاقَ عليها؛ فإنَّه لا يَجوزُ أنْ يُطَلِّقَها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute