للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قَومٍ، وهو مِنهم، أو دفَع إليه مالًا، وأمَرَه بتَفريقِه على مَنْ يُريدُ، أو بدَفْعِه إلى مَنْ شاءَ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وإنْ وكَّله في إخراجِ صَدَقةٍ على المَساكينِ وهو مِسكينٌ، أو أوصَى إليه بتَفريقِ ثُلُثِه على قَومٍ وهو مِنهم، أو دفَع إليه مالًا وأمَرَه بتَفريقِه على مَنْ يُريدُ، أو بدَفْعِه إلى مَنْ شاءَ، فالمَنصوصُ عن أحمدَ أنَّه لا يَجوزُ له أنْ يَأخُذَ مِنه شَيئًا؛ فإنَّ أحمدَ قالَ: إذا كانَ في يَدِه مالٌ لِلمَساكينِ وأبوابِ البِرِّ وهو مُحتاجٌ، فلا يَأكُلْ مِنه شَيئًا، وإنَّما آمُرُه بتَنفيذِه؛ وذلك لأنَّ إطلاقَ لَفظِ المُوكِّلِ يَنصَرِفُ إلى دَفْعِه إلى غيرِه.

وَيُحتمَلُ أنْ يَجوزَ له الأخْذُ إذا تَناوله عُمومُ اللَّفظِ، كالمَسائِلِ التي تَقدَّمتْ، ولأنَّ المعنَى الذي حصَل به الِاستِحقاقُ مُتحقَّقٌ فيه، واللَّفظُ مُتَناوِلٌ له، فجازَ له الأخْذُ كَغيرِه.

وَيُحتمَلُ الرُّجوعُ في ذلك إلى قَرائِنِ الأحوالِ، فما غَلَبَ على الظَّنِّ فيه أنَّه أرادَ العُمومَ فيه، وفي غيرِه، فله الأخْذُ مِنه، وما غَلَبَ أنَّه لَم يُرِدْه فليسَ له الأخْذُ، وما تَساوَى فيه الأمرانِ احتمَلَ وَجهَيْنِ:

وَهَل له أنْ يُعطِيَه لِوَلَدِه أو والِدِه أو امرَأتِه؟ فيه وَجهانِ، أوَّلُهُما: جَوازُه؛ لِدُخولِهم في عُمومِ لَفْظِه، ووُجودِ المعنَى المُقتَضِي لِجَوازِ الدَّفْعِ إليهم، فأمَّا مَنْ تَلزَمُه مُؤْنَتُه غيرُ هَؤُلاءِ فيَجوزُ الدَّفعُ إليهم، كما يَجوزُ دَفْعُ صَدَقةِ التَّطوُّعِ إليهم (٢).


(١) «الإنصاف» (٥/ ٣٥٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٠).
(٢) «المغني» (٥/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>