وَهُناكَ أحوالٌ لا يَضمَنُ فيها الوَكيلُ بتَرْكِ الإشهادِ على قَضاءِ الدَّيْنِ، مِنها:
أ- أنْ يَقضيَ الوَكيلُ الدَّيْنَ بحَضْرةِ المُوكِّلِ، ولَم يُشهِدْ، لَم يَضمَنْ؛ لأنَّ تَرْكَه الإشهادَ رِضًا مِنْ المُوكِّلِ بمَا فَعلَ وَكِيلُه، وإلى هذا ذهَب المالِكيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ والشَّافِعيَّةُ في أصَحِّ الوَجهَيْنِ.
وَيَرَى الشَّافِعيَّةُ في الوَجْهِ الآخَرِ والحَنابِلةُ في قَولٍ أنَّ الوَكيلَ يَضمَنُ في هذه الحالةِ، اعتِمادًا على أنَّ السَّاكِتَ لا يُنسَبُ إليه قَولٌ، وعلَّل الشَّافِعيَّةُ هذا الحُكمَ بأنَّ تَركَ الإشهادِ يُثْبِتُ الضَّمانَ، ولا يَسقُطُ حُكمُه بحُضورِ المُوكِّلِ، كما لو أُتلِفَ مالُه وهو حاضِرٌ (١).
ب- أنْ يُشهِدَ على القَضاءِ عُدولًا، فماتوا أو غابوا أو فَسَقَوا، وأنكَرَ المُوكِّلُ القَضاءَ في هذه الحالةِ؛ فإنَّ الوَكيلَ لا يَضمَنُ عندَ المالِكيَّةِ والشَّافِعيَّةِ، حيثُ أطلَقوا القولَ بعَدمِ الضَّمانِ؛ لأنَّه لَم يُفَرِّطْ، وعندَ الحَنابِلةِ عَدمُ ضَمانِ الوَكيلِ مُقيَّدٌ بما إذا لَم يَحلِفِ المُوكِّلُ، أمَّا إذا حلَف المُوكِّلُ قُضِيَ له بالضَّمانِ؛ لأنَّ الأصلَ مَعه.
وإنْ قالَ الوَكيلُ: أشَهَدْتُ، فماتوا، أي: الشُّهودُ، أو غابوا، أو قالَ الوَكيلُ لِلمُوكِّلِ: أذِنتَ في القَضاءِ، بلا بيِّنةٍ، أو قالَ الوَكيلُ لِلمُوكِّلِ: قَضَيتُ