للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: ولا أُحِبُّ لِمُسلِمٍ أنْ يَدفعَ لِذِميٍّ قِراضًا، لِعَملِه بالرِّبا، ولا أنْ يَأخُذَ مِنه قِراضًا؛ لِئَلَّا يُذِلَّ نَفْسَه، يُريدُ: وإنْ وقَع لَم يُفسَخْ (١).

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ كَرِهوا تَوكيلَ الذمِّيِّ، لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ١٤٤]، قالَ أبو بَكرٍ الجَصَّاصُ: وقَد كَرِهَ أصحابُنا تَوكيلَ الذمِّيِّ في الشَّرْيِ والبَيعِ ودَفْعِ المالِ إليه مُضارَبةً، وهذه الآيةُ دالَّةٌ على صحَّةِ هذا القَولِ (٢).

وقالَ شَمسُ الدِّينِ السَّرخَسيُّ : ويُكرَهُ لِلمُسلِمِ تَوكيلُ الذمِّيِّ بالتَصرُّفِ له (٣).

وقالَ: وأكرَهُ تَوكيلَ الذمِّيِّ يَعقِدُ له السَّلَمَ، وإنْ فَعلَه يَجوزُ؛ لأنَّ الذمِّيَّ لا يَتحَرَّزُ عن الرِّبا، وعَن مُباشَرةِ العَقدِ الفاسِدِ، إمَّا لِجَهلِه بذلك، وإمَّا لِاعتِقادِه أو قَصدِه أنْ يُؤْكِلَ المُسلِمَ الحَرامَ، فلِهذا يُكرَهُ له أنْ يَأتَمِنه على ذلك، ويَجوزَ له إنْ فَعلَه؛ لأنَّ عَقدَ السَّلَمِ مِنْ المُعامَلاتِ، وهُم في ذلك يَستَوونَ بالمُسلِمينَ (٤).


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٦٧)، و «الذخيرة» (٨/ ٥)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٦)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٠٧)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٥٨)، و «شرح ميارة» (١/ ٢٠٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٩٠)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٨١)، و «منح الجليل» (٦/ ١٢٧).
(٢) «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ٢٨٠).
(٣) «المبسوط» (١١/ ١٩٨).
(٤) «المبسوط» (١٢/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>