للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الحَنفيَّةُ إلى أنَّه يَجوزُ لِلمُحرِمِ أنْ يُوكِّلَ ويُوكَّلَ في عَقدِ النِّكاحِ (١).

وَسَبَبُ الخِلافِ: هَلْ يَجوزُ لِلمُحرِمِ أنْ يُزوِّجَ أو يَتزوَّج أو لا يَجوزُ له؟

فَمَنْ قالَ: «يَجوزُ له أنْ يَتزوَّج حالَ الإحرامِ» قالَ: يَجوزُ له أنْ يُوكِّلَ ويُوكَّل في النِّكاحِ والإنكاحِ، كما هو مَذهبُ الحَنفيَّةِ، والدَّليلُ على أنَّه يَجوزُ له أنْ يَتزوَّج حالَ إحرامِه ما رَواه مُسلِمٌ عن عَمرِو بنِ دِينارٍ عن أبي الشَّعثاءِ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ أخبَرَهُ: «أنَّ النَّبيَّ تَزوَّج مَيمونةَ وهو مُحرِمٌ» (٢).

وَمَنْ قالَ: «إنَّه لا يَجوزُ له أنْ يَتزوَّجَ أو يُزوِّجَ حالَ إحرامِه» كما هو قَولُ جُمهورِ الفُقهاءِ المالِكيَّةِ والشَّافِعيَّةِ والحَنابِلةِ قالوا: لا يَجوزُ له أنْ يُوكِّلَ غيرَه في النِّكاحِ، أو يُوكَّل هو عن غيرِه في النِّكاحِ؛ لأنَّه لا تَصحُّ مُباشَرَتُه لِذلك. والدَّليلُ عليه ما رَواه مُسلِمٌ وغيرُه عن عُثمانَ بنِ عَفَّانَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ قالَ: «لا يَنْكِحُ المُحرِمُ، ولا يُنكِحُ، ولا يَخطُبُ» (٣).

قالَ الشَّافِعيَّةُ: وصُورةُ تَوكيلِ المُحرِمِ أنْ يُوكِّلَ لِيَعقِدَ له أو لِمُوَليَتِه حالَ الإحرامِ.

فَإنْ وكَّله لِيَعقِدَ له بعدَ التَّحَلُّلِ أو أطلَقَ صَحَّ؛ لأنَّ الإحرامَ يَمنَعُ


(١) «المبسوط» (٤/ ١٩١)، و «الهداية شرح البداية» (١/ ١٩٣)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١١٠).
(٢) رواه مسلم (١٤١٠).
(٣) رواه مسلم (١٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>