للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبيُّ في الحَديثِ الصَّحيحِ: «إنَّ أعظَمَ المُسلِمينَ جُرمًا مَنْ سألَ عن شَيءٍ لم يُحرَّمْ فحُرِّم من أجلِ مَسألتِه» (١).

وفي السُّننِ عن سَلمانَ الفارِسيِّ مَرفوعًا، ومنهم مَنْ يَجعلُه مَوقوفًا، أنَّه قالَ: «الحَلالُ ما أحَلَّ اللهُ في كِتابِه، والحَرامُ ما حرَّمَ اللهُ في كِتابِه، وما سكَتَ عنه، فهو ممَّا عَفا عنه» (٢).

وإذا كانَ كذلك فالنَّبيُّ قالَ: «طَهورُ إناءِ أحدِكم إذا ولَغَ فيه الكَلبُ أنْ يَغسلَه سَبعَ مَراتٍ أُولاهُنَّ بالتُّرابِ» وفي الحَديثِ الآخَرِ: «إذا ولَغَ فيه الكَلبُ».

فأَحاديثُه كلُّها ليسَ فيه إلا ذِكرُ الوُلوغِ، لم يَذكرْ سائِرَ الأَجزاءِ فتَنجيسُها إنَّما هو بالقياسِ.

فإذا قيلَ: إنَّ البَولَ أعظَمُ من الرِّيقِ، كانَ هذا مُتوجَّهًا.

وأمَّا إلحاقُ الشَّعرِ بالرِّيقِ فلا يُمكنُ؛ لأنَّ الرِّيقَ مُتحلِّلٌ من باطِنِ الكَلبِ بخِلافِ الشَّعرِ؛ فإنَّه نابِتٌ على ظَهرِه.

والفُقهاءُ كلُّهم يُفرِّقونَ بينَ هذا وهذا؛ لأنَّ جُمهورَهم يَقولُ: إنَّ شَعرَ المَيتةِ طاهِرٌ بخِلافِ ريقِها.

والشافِعيُّ وأكثَرُهم يَقولُ: إنَّ الزَّرعَ النابِتَ في الأرضِ النَّجسةِ طاهِرٌ، فغايةُ شَعرِ الكَلبِ أنْ يَكونَ نابِتًا في مَنبتٍ نَجسٍ، كالزَّرعِ النابِتِ في الأرضِ


(١) راوه البخاري (٧٢٨٩)، ومسلم (٢٣٥٨).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه الترمذي (١٧٢٦)، وابن ماجه (٣٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>