للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا الشَّافِعيَّةُ فقالَ منهم الإمامُ النَّوَويُّ : كلُّ ما لا تَجوزُ الإجارةُ عليه مِنْ الأعمالِ لِكَونِه مَجهولًا، تَجوزُ الجَهالةُ عليه لِلحاجةِ، وما جازَتِ الإجارةُ عليه، جازَتِ الجَعالةُ أيضًا، على الصَّحيحِ. وقيلَ: لا؛ لِلِاستِغناءِ بالإجارةِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: كلُّ ما جازَ أخْذُ العِوَضِ عليه في الإجارةِ مِنْ الأعمالِ، جازَ أخْذُه -أي: العِوَضِ- عليه في الجَعالةِ، وما لا يَجوزُ أخْذُ العِوَضِ عليه في الإجارةِ، كالغِناءِ والزَّمْرِ وسائِرِ المُحرَّماتِ، لا يَجوزُ أخْذُ الجُعلِ عليه؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].

وَما يَختَصُّ أنْ يَكونَ فاعِلُه مِنْ أهلِ القُربةِ بأنِ اشترَطَ إسلامَ فاعِلِه ممَّا لا يَتعَدَّى نَفْعُه فاعِلَه، كالصَّلاةِ والصِّيامِ، لا يَجوزُ أخْذُ الجُعلِ عليه، كما تَقدَّم في الإجارةِ، فأمَّا ما يَتعَدَّى نَفْعُه، كالأذانِ ونحوِه، كَتَعليمِ فِقهٍ وقُرآنٍ وقَضاءٍ وإفتاءٍ ورُقيةٍ، فيَجوزُ؛ لِحَديثِ أبي سَعيدٍ في الرُّقيةِ، وقَد تَقدَّم.

وإنْ قالَ: مَنْ داوَى لي هذا الجَريحَ حتى يَبرَأَ مِنْ جُرحِه، أو دَاوَى هذا المَريضَ حتى يَبرَأَ مِنْ مَرَضِه، أو دَاوَى هذا الأرمَدَ حتى يَبرَأَ مِنْ رَمَدِه، فله كذا، لَم يَصحَّ العَقدُ فيها مُطلَقًا، لا إجارةً ولا جَعالةً، صَحَّحَه في الإنصافِ وغيرِه (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٩٠).
(٢) «كشاف القناع» (٤/ ٢٥١)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>