للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنابِلةُ: وإنْ زادَ الجاعِلُ أو نَقَصَ مِنْ الجُعلِ قبلَ الشُّروعِ في العَملِ جازَ، وعُمِلَ به؛ لأنَّها عَقدٌ جائِزٌ، فجازَ فيه ذلك، كالمُضاربةِ (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: يَجوزُ لِلجاعِلِ أنْ يَزيدَ ويَنقُصَ ويُغيِّرَ الجِنسَ قبلَ الفَراغِ مِنْ عَملِ العامِلِ، سَواءٌ أكانَ قبلَ الشُّروعِ أم بعدَه، كما يَجوزُ في البَيعِ في زَمَنِ الخِيارِ، بَلْ أوْلَى، كَأنْ يَقولَ: مَنْ رَدَّ عَبدِي فله عَشَرةٌ، ثم يَقولَ: فله خَمسةٌ، أو يَحدُثَ عَكسُه، أو يَقولَ مَنْ رَدَّه فله دِينارٌ، ثم يَقولَ: فله دِرهَمٌ، وإنْ سمِع العامِلُ ذلك قبلَ الشُّروعِ في العَملِ اعتُبِرَ النِّداءُ الأخيرُ، ولِلعامِلِ ما ذُكِرَ فيه.

وإنْ لَم يَسمَعْه العامِلُ أو كانَ بعدَ الشُّروعِ فيه، وجَب أُجرةُ المِثلِ؛ لأنَّ النِّداءَ الأخيرَ فَسخٌ لِلأوَل، ولأنَّ الفَسخَ مِنْ المالِكِ في أثناءِ العَملِ يَقتَضي الرُّجوعَ إلى أُجرةِ المِثلِ، فلَو عمِل مَنْ سمِع النِّداءَ الأوَّلَ خاصَّةً، ومَن سمِع الثَّانيَ، استَحقَّ الأوَّلُ نِصفَ أُجرةِ المِثلِ، والثَّاني نِصفَ المُسمَّى الثَّاني، والمُرادُ بالسَّماعِ العِلمُ، وتَكونُ أُجرةُ المِثلِ فيما ذُكِرَ لِجَميعِ العَملِ، لا لِلماضي خاصَّةً (٢).


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٢٥١)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢١١).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٩٣، ٩٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٤٨، ٥٤٩)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٥٤٦)، و «النجم الوهاج» (٦/ ١٠٠، ١٠١)، و «الديباج» (٢/ ٥٨٦)، و «حاشية قليوبي وعميرة على كنز الراغبين» (٣/ ٣٢٨، ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>