إحداهُما: أنْ يَكونَ الجُعْلُ على شَيءٍ واحِدٍ، كقولِه: مَنْ بَنَى لي حائِطًا، أو خاطَ لي ثَوبًا، فله كذا، فخاطَ بعضَ الثَّوبِ، أو بَنَى بعضَ الحائِطِ، فلا يَستحقُّ شَيئًا؛ لأنَّه لَم يَحصُلْ غَرَضُه.
الأُخرى: أنْ يَكونَ على تَحصيلِ شَيئَيْنِ يَنفَكُّ أحَدُهما عن الآخَرِ، كقولِه: مَنْ رَدَّ العبدَيْنِ فله كذا، فرَدَّ أحَدَهُما استَحقَّ نِصفَ الجُعْلِ.
قالَ الزَّركَشِيُّ ﵀: وعلى هذا يَتخَرَّج غَيبةُ الطَّالِبِ عن الدَّرسِ بعضَ الأيَّامِ، إذا قالَ الواقِفُ: مَنْ حضَر شَهَرَ كذا فله كذا؛ فإنَّ الأيَّامَ كَمَسألةِ العَبيدِ؛ فإنَّها أشياءُ مُتَفاصِلةٌ، فيَستحقُّ قِسطَ ما حضَر، قالَ: فتَفَطَّنْ لِذلك؛ فإنَّه ممَّا يُغلَطُ فيه.
قالَ الدَّميريُّ ﵀: ولِذلك كانَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ القُشَيريُّ إذا بطَل يَومًا غيرَ مَعهودِ البَطالةِ في دَرسِه لا يَأخُذُ لِذلك اليَومِ مَعلومًا.
قالَ: وسَألتُ شَيخَنا عن ذلك مَرَّتَيْنِ، فقالَ: إنْ كانَ الطَّالِبُ في حالِ انقِطاعِه مُشتَغِلًا بالعِلمِ، استَحقَّ، وإلَّا فلا، قالَ -يَعني شَيخُه-: ولو حضَر ولَم يَكُنْ بصَدَدِ الاشتِغالِ، لَم يَستحقَّ؛ لأنَّ المَقصودَ نَفْعُه بالعِلمِ، لا بمُجَرَّدِ حُضورِه، وكانَ يَذهبُ إلى أنَّ ذلك مِنْ بابِ الإرصادِ. اه.
قالَ الزَّركَشيُّ ﵀: ولو تَوَلَّى وَظيفةً وأُكرِهَ على عَدمِ مُباشَرتِها، أفتَى الشَّيخُ تاجُ الدِّينِ الفَزَاريُّ باستِحقاقِه المَعلومَ، والظَّاهِرُ خِلافُه، لأنَّها جَعالةٌ، وهو لَم يُباشِرْ. اه. والظَّاهِرُ ما أفتَى به الشَّيخُ تاجُ الدِّينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute