للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقالَ المالِكيَّةُ: الجَعالةُ: هي أنْ يَجعَلَ الرَّجلَ لِلرَّجلِ أجْرًا مَعلومًا، ولا يَنقُدَه إيَّاه على أنْ يَعمَلَ له في زَمَنٍ مَعلومٍ أو مَجهولٍ، ممَّا فيه مَنفعةٌ لِلجاعِلِ -على خِلافٍ في هذا-، على أنَّه إنْ كمَّله كانَ له الجُعلُ، وإنْ لَم يُتِمَّه فلا شَيءَ له، ممَّا لا مَنفعةَ فيه لِلجاعِلِ إلَّا بعدَ تَمامِه.

وحَدَّ ابنُ عَرفةَ حَقيقَتَه العُرفيَّةَ بقَوله: «عَقدُ مُعاوَضةٍ على عَمَلِ آدَميٍّ بعِوَضٍ غيرِ ناشِئٍ عن مَحَلِّه به، لا يَجِبُ إلَّا بتَمامِهِ».

فَخرَج ب «آدَميٍّ» كِراءُ السُّفُنِ، وكِراءُ الأرَضينَ والرَّواحِلِ، وبِقَوله: «غيرِ ناشِئٍ عن مَحَلِه»، المُساقاةُ والقِراضُ وشَرِكةُ الحَرثِ، وقَوله: «بِهِ»، قالَ ابنُ عَرفةَ: ما مَعناه أنَّه زِيدَ به خَوفُ نَقْضِ عَكسِ الحَدِّ أو الرَّسمِ؛ بقَوله: إنْ أتَيتَني بِعَبدِي الآبِقِ فلكَ عَملُه كذا، أو خِدمَتُه شَهرًا، فإنَّه جُعلٌ، وإنْ كانَ فاسِدًا؛ لِلجَهلِ بعِوَضِه، والضَّميرُ في قَوله: «بِهِ»، يَعودُ لِلعَملِ، أي: بِعِوَضٍ غَير ناشيءٍ عن مَحَلِّ العَملِ بسَبَبِ ذلك العَملِ، فتَخرُجُ المُغارَسةُ والقِراضُ؛ لأنَّه بعِوَضٍ ناشِئٍ عن مَحالِّ العَملِ، لكنْ ليسَ ذلك العِوَضُ ناشِئًا بسَبَبِ العَملِ.

وَقولُه: «لا يَجِبُ إلَّا بتَمامِهِ» الجُملةُ صِفةٌ لِ (عِوَضٍ)، أي: بِعِوَضٍ مَوصوفٍ بكَونِه لا يَجِبُ إلَّا بتَمامِه، فيَخرُجُ بذلك الإجارةُ في الآدَميِّ؛ لأنَّ عِوَضَها يَتبعَّضُ على قَدْرِ العَملِ (١).


(١) «المختصر الفقهي شرح حدود ابن عرفة» (١٢/ ٣٦٢، ٣٦٤)، و «مواهب الجَليل» (٧/ ٤٥٠)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٥٩)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>