للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيَّةُ: إنْ كانَ لكلِّ واحِدٍ مِنهما بيِّنةٌ نُظِرَتْ، فإنْ كانَتا مُؤَرَّخَتَيْنِ بتاريخَيْنِ مُختلِفيْنِ قُضِيَ بالأُولَى مِنهما؛ لأنَّ العَقدَ الأولَ يَمنَعُ صِحَّةَ العَقدِ الثَّاني.

وإنْ كانَتا مُطلَقَتيْنِ، أو مُؤَرَّختَيْنِ تاريخًا واحِدًا، أو كانَتْ إحداهُما مُطلَقةً والأُخرَى مُؤَرَّخةً، فهُما مُتعارِضَتانِ، وفيهِما قولانِ:

أحَدُهما: أنَّهما تَسقُطانِ، ويَصيرُ كَما لَو لَم تكُنْ بيِّنةٌ، ويَتَحالَفانِ على ما في البَيعِ.

والآخَرُ: أنَّهما يُستَعمَلانِ، فيُقرَعُ بَينَهما، فمَن خَرجَتْ له القُرعةُ قُضِيَ لَه، قالَ الشِّيرازيُّ: ولا يَجيءُ القولُ بالوَقفِ؛ لأنَّ العُقودَ لا تُوقَفُ، ولا يَجيءُ القولُ بالقِسمةِ؛ لأنَّهما يَتنازَعانِ في عَقدِ، والعَقدُ لا يُمكِنُ قِسمَتُه.

وَخَرجَ أبو العَبَّاسِ قَولًا آخَرَ: أنَّه إذا كانَ الِاختِلافُ في قَدْرِ المدَّةِ أو في قَدْرِ الأُجرةِ، قُضِيَ بالبيِّنةِ التي تُوجِبُ الزِّيادةَ، كَما لَو شَهِدَتْ بيِّنةٌ أنَّ لِفُلانٍ عليه ألفًا، وشَهِدَتْ بيِّنةٌ أنَّ له عليه ألفَيْنِ، وهذا خَطَأٌ؛ لأنَّ الشَّهادةَ بالألفِ لا تَنفِي الزِّيادةَ عليه، فلَم يكُنْ بَينَها وبَينَ بيِّنةِ الشَّهادةِ الأُخرَى تَعارُضٌ، وهَهُنا أحَدُ البيِّنَتَيْنِ تَنفِي ما شَهِدَتْ به البيِّنةُ الأُخرَى؛ لأنَّه إذا عُقِدَ بأحَدِ العِوَضَيْنِ لَم يَجُزْ أنْ يُعقَدَ بالعِوَضِ الآخَرِ؛ فتَعارَضَتَا (١).

فإذا فُسِخَ العَقدُ بعدَ المدَّةِ أو مُضِيِّ شَيءٍ منها سقطَ المُسمَّى ووجبَ


(١) «المهذب» (٢/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>