للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الخَرشيُّ: القَيحُ والصَّديدُ نَجِسان (١).

إلا أنَّ عُلماءَ المَذاهبِ عَفَوْا عن بعضِ الدِّماءِ، فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه يُعفَى من دَمِ الإِنسانِ الذي لا يَسيلُ على رأسِ جُرحِه، ويُعفَى أيضًا عن دَمِ البَقِّ والبَراغيثِ؛ لأنَّه لا يُمكنُ الاحتِرازُ عنه وفيه حَرجٌ (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّه يُعفَى عمَّا دونَ الدِّرهمِ من الدَّمِ المَسفوحِ إذا انفصَلَ عن الحَيوانِ (٣).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّه يُعفَى عن اليَسيرِ في العُرفِ من الدَّمِ والقَيحِ، سَواءٌ أكانَ من نَفسِه، كانَ انفصَلَ منه ثم عادَ إليه، أم كانَ من غيرِه، إلا دَمَ الكَلبِ والخِنزيرِ، وفَرعَ أحدِهما، فلا يُعفَى عن شَيءٍ منه لغِلظِ نَجاستِه، وأمَّا دَمُ الشَّخصِ نَفسِه الذي لم يُفصلْ منه كدَمِ الدَّمامِلِ والقُروحِ ومَوضعِ الفَصدِ فيُعفَى عن قَليلِه وكَثيرِه، انتشَرَ بعِرقٍ أو لا.

ويُعفَى عن دَمِ البَراغيثِ والقَملِ ونَحوِ ذلك ممَّا تَعمُّ به البَلوى ويَشقُّ الاحتِرازُ عنه، ومَحلُّ العَفوِ عن سائِرِ الدِّماءِ ما لم يَختلِطْ بأجنَبيٍّ؛ فإنِ اختلَطَت به ولو دَمَ نَفسِه كانَ خرَجَ من عَينِه دَمٌ أو دَمِيَت لَثتُه لم يُعفَ عن شَيءٍ منه.


(١) «شرح مختصر خليل» (١/ ٩٢)، و «الاستذكار» لابن عبد البر (١/ ١٥٨)، وينظر: «بدائع الصنائع» (١/ ٢١٩)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٩٢، ١١٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (١/ ٢١٩)، و «الهداية» (١/ ٣٠)، «الاختيار» (١، ٨، ٣٠، ٣١)، و «مراقي الفلاح» (١٧، ٣٠)، و «رد المحتار» (٤٣٣٨).
(٣) «شرح مختصر خليل» (١/ ٨٧)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٧٤)، و «الشرح الصغير» (١/ ١١٨)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>