للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدَّةَ الإجارةِ غيرَ مَملوكةٍ لِلبائِعِ، فلا تَدخُلُ في عَقدِ البَيعِ، حتى إنَّ المُشتَرِيَ يَكونُ له عِوَضُها، وهو الأُجرةُ.

وَأُجيبَ عن ذلك: بأنَّ المالِكَ يَملِكُ عِوَضَها، وهو الأُجرةُ، ولَم تَستقِرَّ بَعدُ، ولَوِ انفَسخَ العَقدُ لرَجعَتِ المَنافِعُ إلى البائِعِ؛ فيَقومَ المُشتَري مَقامَ البائِعِ فيما كانَ يَستَحقُّه مِنها، وهو استِحقاقُ عِوَضٍ لِمَنافِعَ، مع بَقاءِ الإجارةِ، قالَه في شَرحِ المُنتهى، وفي المُغني ما يَقتَضي أنَّ الأُجرةَ لِلبائِعِ، وهو واضِحٌ؛ لأنَّه ملكَها بالعَقدِ.

فَإنْ رَدَّ المُستَأجِرُ الأجنَبيُّ الإجارةَ لِعَيبٍ ونَحوِه عادَتِ المَنفَعةُ في بَقيَّةِ المدَّةِ إلى البائِعِ دونَ المُشتَرِي؛ لأنَّ عَقدَه لَم يَتناوَلْها؛ لِعَدَمِ مِلكِ البائِعِ لَها إذْ ذاكَ (١).

وقالَ الرُّحَيبانيُّ : ويُتَّجَهُ بأنَّ الإجارةَ تَنفَسِخُ باستِيلاءِ حَربِيٍّ على دارِ المُسلِمينَ، فيَضَعُ يَدَه على المَأجورِ، ويَمنَعُ مِنْ الِانتِفاعِ به، وعَكسُه؛ بأنْ يَستَوليَ المُسلِمونَ على دارِ الحَربِ، ويَضَعُوا أيديَهم على مَأْجُورَاتِهم، فلا يُمكَّنُ المُستَأجِرُ مِنْ التَصرُّفِ فيما استَأجَرَه مِنْ الحَربِيِّ، فتَنفَسِخُ الإجارةُ بذلك، إلَّا إنْ كانَ الحَربِيُّ قد أجَّرَه -أي: ما بيَدِه- لِإنسانٍ مَعصومٍ مِنْ مُسلِمٍ أو ذِمِّيٍّ؛ فلا تَنفَسِخُ الإجارةُ؛ لِدَوامِ ثُبوتِ يَدِه على المَأجورِ؛ لأنَّه مُحتَرمٌ، وانتِقالُ المِلْكِ في المَأْجورِ لا يَقتَضي بُطلانَ الإجارةِ، كَما تَقدَّمَ، وهو مُتجَهٌ (٢).


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٣٧).
(٢) «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٥٥، ٦٦٦)، ويُنْظر: «المغني» (٥/ ٢٦٠، ٢٦٥)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٩٩، ١٠٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٨٠، ١٨٣)، و «الإنصاف» (٦/ ٥٨، ٦٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٧، ٣٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٥١، ٦٣)، و «الروض المربع» (٢/ ٩٨، ١٠١)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٢٣، ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>