للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووَجهُ الدِّلالةِ من الحَديثِ كما يَقولُ الحَنفيةُ أنَّ عائِشةَ قد غسَلَت المَنيَّ من ثَوبِ رَسولِ اللهِ ، والغَسلُ شَأنُ النَّجاساتِ، والنَّبيُّ قد علِمَ بذلك فأقَرَّه ولم يَقُلْ لها إنَّه طاهِرٌ، فلو كانَ طاهِرًا لمَنَعها من إتلافِ الماءِ لغيرِ حاجةٍ؛ فإنَّه حينَئذٍ سَرفٌ في الماءِ وإتعابُ نَفسِها لغيرِ الضَّرورةِ وأنَّه خارِجٌ من أحدِ السَّبيلَينِ، فكانَ نَجسًا كسائِرِ النَّجاساتِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: إنَّ سَببَ نَجاسةِ المَنيِّ أنَّه دَمٌ مُستحيلٌ إلى نَتنٍ وفَسادٍ، وبأنَّه يَخرجُ من مَخرجِ البَولِ مُوجبًا لتَنجيسِه فأُلحقَ المَنيُّ بالبَولِ طَهارةً ونَجاسةً (٢).

إلا أنَّ الحَنفيةَ والحَنابِلةَ على القَولِ بنَجاستِه، قالوا: يَكفي في تَطهيرِه فَركُه إنْ كانَ يابِسًا، وقالَ مالِكٌ: يَجبُ غَسلُه على كلِّ حالٍ سَواءٌ كانَ رَطبًا أو يابِسًا.

وذهَبَ الشافِعيةُ في المَنصوصِ عندَهم والحَنابِلةُ في المَشهورِ إلى طَهارةِ المَنيِّ (٣).


(١) «شرح فتح القدير» (١/ ١٩٦، ١٩٧)، و «البناية على الهداية» (١/ ٧٢٢).
(٢) «حاشية الدسوقي» (١/ ٩٢)، و «الشرح الصغير» (١/ ٣٨)، و «مواهب الجليل» (١/ ١٠٤)، و «شرح مختصر خليل» (١/ ٩٢).
(٣) وبه قالَ سعيدُ بنُ المُسيبِ وعَطاءٌ وإِسحاقُ بن راهَويهِ وأَبو ثَورٍ وداودُ وابنُ المُنذرِ قالَ النَّوويُّ: وحَكاه العَبدريُّ وغيرُه عن سعدِ بنِ أَبي وَقاصٍ وابنِ عُمرَ وعائشةَ. انظر: «المجموع» (٢/ ٥١١)، و «الحاوي الكبير» (١/ ٢٥١، ٢٥٣)، و «الأوسط» (٢/ ١٥٩)، و «المغني» (٢/ ١٨٧)، و «الكافي» (١/ ٨٧)، و «الروض المربع» (١/ ١٠٣)، و «مجموع الفتاوى» لشيخ الإسلام (٢١/ ٦٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>